الفصل التاسع
أتم ليوباردو تناول طعام العشاء وحيدا في تلك القاعة الواسعة وهو يفكر في كل ما يحصل. يؤلمه كثيرا أن ترحل ميس بهذه الطريقة خصوصا وهو يعلم أنها محاولة يائسة منها للخلاص من شبحه الذي ظل يطاردها لسنوات.
شهق بعمق يستجمع نسمات الهواء ليريح نفسه وليس يدري لم خطرت بباله تلك اللحظة نهاد وهي تنفض الغبار عنها بأطراف ترتجف ووجه شاحب وهي تحاول تصنع الشجاعة. ثم رددت بغضب: "رجل شرير، أتمنى أن تموت حرقا..."
تردد المشهد في ذهنه بضع لحظات قبل أن يتمتم بين شفاهه وهو يضع الملعقة جانبا: "لقد احترقت منذ زمن وتناثر رمادي في كل مكان..."
وقبل أن يقوم من جلوسه دخل فواز مسرعا.
فواز: مرحبًا ليوباردو، وجدت الباب مفتوحًا أنسيت إقفاله؟
ليوباردو: أجل، كنت سأقفله لكنني نسيت...
فواز: أنت لست بخير، حتى أنك لم تتناول الكثير من طعامك، كل شيء كما هو !
وجلس يتذوق الطعام.
فواز: إنه لذيذ!
ليوباردو: ألم تتعشى بالعرس؟
فواز: بلى، لكنني جائع.
ليوباردو: أين البقية؟ ألم يحضر معك أحد!
فواز: أصرت الجدة على أن تنام عند أهل العريس كما تقتضي العادات
وبهية ستبقى معها... أما وديع فقدتوجه لغرفته حال وصولنا حتى يخلد للنوم.
ليوباردو: وناريمان؟
فواز: أنت تعلم فضيحة المحكمة، جميع أهل وجدي يتغامزون عليها ولم تحتمل هي
هذا فغادرت الحفل مبكرًا... قصدت منزل والدها على ما أعتقد...
ليوباردو: قد لا تكون هناك... اذهب لتفقد الأمر وإن وجدتها أعدها إلى هنا.
فواز: أمرك كابتن!قام فواز مغادرا رغم أنه لم يكن ينوي ترك الطبق إلا أنه أبدا لا يأمن قصف ليوباردو، لذا عليه الامتثال في الحال. وفور خروجه من الباب توجه ليوباردو إلى الدرج باتجاه غرفته وقبل أن يقطع نصف المسافة سمع صوت فواز وهو يناديه بطريقة تنم عن وقوع خطب ما.
كانت لينا ملقاة على الأرض بكدمات متورمة وجراح تنزف وفواز يحاول حملها وهو لا يدري من أين يبدأ. فجاء ليوباردو على عجل. وعندما شاهدها من بعيد ركض حتى نزل إلى مستواها مستندا بركبته على الأرض وهو يضع مرفقه على الأخرى ويده تتلمس عنقها ليتأكد أنها على قيد الحياة.
ليوباردو: حمدا لله، إنها حية...
وقام بحملها بسرعة.
ليوباردو: سأنقلها إلى الداخل... أحضر الطبيب.
فواز: لكنني لا أعرف أي طبيب!
زمجر ليوباردو في وجهه بعيون جاحظة وكأنه سيقذف به بعيدا.
ليوباردو: تصرف هيا بسرعة...
وقع هاتف لينا المحمول من جيب سترتها، فحمله فواز وقدمه لليوباردو.
فواز: إنه هاتفها لقد وقع منها.
ثم تفطن لأمر.
فواز: أليست طبيبة! بإمكاننا العثور على رقم إحدى صديقاتها...
وراح يقلب قائمة الهاتف فلم يجد سوى الأسماء... عندها طفح كيل ليوباردو من أفكاره التي لا تأتي بنتيجة تذكر.
ليوباردو: هل ستتصل بهم جميعًا لتسألهم واحدًا واحدًا إن كانوا أطباء !
فواز: مهلا، مهلا... أنظر مكتوب هنا "الدكتور حسن"... سأتصل به.كانت ميس جالسة على طرف السرير بغرفتها عندما فتح وجدي الباب ودخل بهدوء
وعيناه لا تفارقانها بينما كانت هي تنظر إلى الأرض.
وجدي: مساء الخير...
ميس: مرحبًا...
جلس وجدي بالقرب منها ونظر إليها لكنها أبت أن ترفع نظرها إليه.
وجدي: هل كان يومك شاقًا؟
ميس: كلا، لقد اهتم بنا أهلك.
قام وجدي برفع الطرحة عن وجهها وانتظر منها أن ترفع بصرها إليه لكنها لم تفعل.
وجدي: لم لا تنظرين إلي؟
ورفع ذقنها بأطراف أصابعه فشاهد الدموع تغرق خديها.
وجدي: هل أزعجك أحد؟
ميس: كلا لم يزعجني أحد...
وجدي: لماذا تبكين؟
ميس: أنا... كل ما في الأمر ...أنني أفتقد أهلي، تمنيت أن تكون معي أمي وأبي أيضًا...
وجدي: هكذا هي الحياة... لكنني من اليوم فصاعدًا سأكون لك الزوج والأهل،
أعدك أنني لن أدعك تشعرين بالوحدة أبدًا...
قال وجدي هذا ونظر إلى وجهها مبتسمًا حتى يرى ابتسامتها، لكنه كان
متأكدًا في قرارة نفسه أن هذا ليس هو السبب الحقيقي من بكائها.
ميس: أنا أشعر بالدوار وبعض الألم في معدتي.
وجدي: لربما هو الارتباك...
ميس: لست أدري... لكنني لست بخير.
ففهم وجدي الموضوع.
وجدي: استلقي لترتاحي، ونامي إن كنت متعبة...
سأخرج أنا لأشم بعض الهواء النقي.
أنت تقرأ
بقايا ركام لكاتبة بريق الامل
Romanceالانفجار... هو تلك اللحظة التي تضع نهاية للاحتقان والصراع المستمر بداخلك... هو تلك اللحظة التي تمنحك الحرية على حساب روحك المتناثرة أشلاءا في السماء... هو نقطة اللارجوع... وما اصعبها من نقطة تكون النهاية فيها بداية لفصل جديد. فصل من السواد تتخلله آه...