الفصل الثامن
مضت ثلاث أشهر وأشرف الصيف على نهايته وبدأت نسائم الخريف الباردة تنعش الأجواء.
إنه مساء يوم غائم اكفهرت سماؤه وتطايرت أوراقه الذابلة.
يحب ليوباردو هذا الفصل كثيرا، ربما لأنه يشبهه من نواح كثيرة فهو سريع التقلب كمزاجه العكر، مصفرة أوراقه كأيامه الذابلة، جوه تعيس كحياته الماضية... وأهم شيء أنك لا تستطيع التنبؤ بطقسه كما لا يمكنك التنبؤ بما يدور في بال صاحبنا... وزد عليه أن هذا الأخير قد يقصفك في أي لحظة ودون سابق إنذار.
إنها ثلاث أشهر حملت الكثير لهذا الهادئ ذي الأهداب المنسدلة في صمت. إنه بمكتبه بالمخزن الآن يتبادل الحديث مع فواز عندما فاجأهما المحقق نصر بزيارته.
ليوباردو: مرحبًا سيادة المحقق، لم أرك منذ زمن!
نصر: تهاني لك لقد استعدت ممتلكاتك وها أنت ذا تشرف عليها بنفسك.
ليوباردو: أنا أبذل قصارى جهدي لأجعل هؤلاء الرجال يعملون بجد...
نصر: عليك التحلي بالصبر فرجالك مجرمون لا يجيدون سوى النصب والنشل...
والعمل المضني سيثقل كاهلهم مازال أمامهم بعض الوقت حتى يتعودوا.
ليوباردو: فواز أحضر فنجان قهوة من دون سكر للمحقق.
وأشار لنصر بالجلوس فجلس هذا الأخير وهو يبتسم.
نصر: أنت تعرف قهوتي جيدًا!
ليوباردو: عشرتي معك طويلة في مكتب التحقيق.
تبسم نصر ضاحكا.
نصر:أمازلت تذكر تلك الأيام!! من كان يعتقد أنني سأجالسك اليوم هنا
وأنت تبدأ مشروعًا زراعيًا وتوظف الكثير من الرجال الذين لهم سوابق معك...
أنت بالفعل مثال للاستثمار النافع.
ليوباردو: لا تعقد الأمور كثيرًا، كل ما في الأمر أنني أنوي استغلال أرضي بنفسي،
ولن أجد أحسن من رجالي ليدعموني فكلهم يخافونني كما أنهم وقفوا إلى جانبي
أوقات الشدة وسأقف إلى جانبهم أوقات الرخاء.
نصر: هذا صحيح، لكنني جئتك في موضوع آخر...
ليوباردو: قبضتم على جمال رشوان متلبسًا في تهمة المتاجرة بالمخدرات..
نصر: للأسف لم يحصل هذا...
تجهمت ملامح ليوباردو ليرتسم على وجهه الغضب.
ليوباردو:مالذي تقصده؟! الرجل الذي دسسته بين عماله أتاني بالخبر اليقين،
لقد حدد لكم موعد ومكان استلامهم للبضاعة بالتدقيق.
نصر: لم يعثر رجالنا على أي مخدرات أو مواد ممنوعة، لا بد وأن جاسوسك
ذاك لم يأت بالأخبار اليقينة.
ليوباردو: أو أنهم كشفوا أمره وتعمدوا تظليله ليتسنى لهم التأكد من حقيقته.
نصر: لقد قلبنا سجلات ذلك الرجل وكلها نظيفة، كما أنه يدعم هذه البلدة كثيرا
لقد كان الممول الأكبر لأغلب المشاريع الكبيرة هنا... حتى أن جده ساهم
بشكل كبير في بناء المستشفى قبل سنوات.
ليوباردو: هل تحاول إقناعي أنه بريء وأنني أتهمه جزافًا!
نصر: كرهك الشديد له سيفقدك صوابك.
صمت الاثنان وليوباردو يدق على مكتبه بقلمه في انفعال.
نصر: هناك أمر آخر.
ليوباردو:ماهو؟
نصر: لذلك الرجل فتاة جميلة، أنيقة ومهذبة، لقد أثارت اهتمامي حقًا...
منذ مدة وأنا أفكر في الزواج ولم أجد الفتاة التي تثير اهتمامي،
لكن تلك الفتاة أعجبتني بالفعل.
فأطلق ليوباردو ضحكة ساخرة.
ليوباردو: ذلك الرجل يعرف كيف يسير موارده، هاهو الآن سيزوجك ابنته
ليصبح صهرك المستقبلي ويجعلك تحت يده وبدل أن تسعى وراءه
سيجعلك تسعى إلى جانبه. إنه يعرف كيف يوقع بأعدائه.
أنت تقرأ
بقايا ركام لكاتبة بريق الامل
Romanceالانفجار... هو تلك اللحظة التي تضع نهاية للاحتقان والصراع المستمر بداخلك... هو تلك اللحظة التي تمنحك الحرية على حساب روحك المتناثرة أشلاءا في السماء... هو نقطة اللارجوع... وما اصعبها من نقطة تكون النهاية فيها بداية لفصل جديد. فصل من السواد تتخلله آه...