الفصل التاسع عشر
[imgl]https://c.top4top.net/p_288w3485.jpg[/imgl]
تنزلق قطرات المطر من فوق أوراق الشجر وتهوي واحدة بعد أخرى... لترتطم بالأرض وتصبح جزءا من أوحالها ثم تداس بالأقدام... كذلك هو قلبه... هذا بالضبط ما حصل معه... لقد هوى وارتطم وديس بالأقدام...
كانت لحظة واحدة انتهى فيها كل شيء... ليعيش مثقلا بالضغينة العمر كله...
يتفرج على غيوم سوداء قادمة من بعيد... كسواد أيامه ولياليه، ثم يصفق شاحذًاً همة عماله للانتهاء قبل هطول المطر من جديد.ليوباردو: اهتموا بالمواشي لا أريدها أن تمرض بفعل البلل... سنؤخر الري بالمبيدات حتى يتوقف المطل عن الهطول، وقد يكون هذا آخر الأسبوع.
ثم دخل المخزن متوجهًا إلى مكتبه وأخرج بعض الفواتير. وأخذ يتفحصها.
ليوباردو: اللعنة، كان علي تقديمها لفواز حتى يسددها في طريقه نهار اليوم...
من الجيد أنه لم يتمتم بشتائمه اللاذعة هذه المرة، وقف فراس عند الباب المفتوح وطرق عليه ليلفت انتباهه.
رفع ليو رأسه إليه فبادره فراس بتحية صباحية مع ابتسامة أعيتها الأحزان.
فراس: صباح الخير
حرك رأسه بالايجاب ورد التحية بهمس... فدخل، ثم أشار له ليو بالجلوس.
فراس: ... أتيت لأودعك لأنني سأسافر بعد قليل.
ليوباردو: بهذه السرعة!
فراس: ليس لدي ما أفعله هنا.
ليوباردو: الأمر يعود إليك.
فراس: جئت أوصيك بأختي، اعتني بها جيدًا ليس لها أحد بهذه الدنيا.
صمت ليوباردو شارذا بفكره للحظات وكأنه ذكره بشيء يتعبه.
ليوباردو: حظًا موفقًا.
قام فراس مستعجلا فرافقه حتى الباب، ومن هناك شاهد نهاد واقفة عند الشجرة تنظر إلى المكان.
فراس: أحضرتها معي لأنني وجدتها مكتئبة بعض الشيء. اعتني بها أنا أرجوك.
ليوباردو: سبق وأوصيتني بهذا...
غادر فراس بعد أن ودع ليوباردو وأخته متوجهًا إلى المنزل . وهما يراقبان خطواته... وما كاد يختفي عن الأنظار حتى حول ليوباردو اهتمامه إلى نهاد التي لم تكن بعيدة عنه.
ليوباردو: لماذا لم ترافقيه لرؤية والدك؟
اضطربت نهاد لكنها حاولت إخفاء الأمر.
نهاد: أنا محطمة ولا أريد أن أبكي في حضنه وأجعله يحزن أكثر... سأزوره عندما أشعر بتحسن أكبر...
وكأنه يصدقها لهذه الكاذبة الصغيرة؟ أنها غير قادرة على خداعه... لكنه لا يريد الخوض في هذا.
ليوباردو: بماذا تحدثتما أنت وأخوك؟
نهاد: ... سألته عن حال أبي وأخبرني أنه بخير... هذا كل شيء.
تأكد الآن من شكوكه من نظرات عيونها التي ترفض الالتقاء بعيونه.
ليوباردو: عودي إلى المنزل، لا تستعرضي نفسك على العمال هنا.
أغضبت هذه الكلمات نهاد كثيرًا لكنها تمالكت نفسها.
نهاد: أعتقد أنني فتاة محترمة...
ليوباردو: فستانك لا... هنا ليس منصة العرض التي تعودت الوقوف عليها مع عارضاتك بعد كل تصميم.
نهاد: أتعلم! أنت رجل لا يطاق...
قالت نهاد هذا بغضب وانصرفت من هناك بينما عاد ليوباردو إلى مكتبه مسرورًا بما فعله.حل الليل وأظلمت الأجواء.
دخلت ليناالقصر ترتجف فوجدت بهية تقف مع نهاد قرب زجاج النافذة وكلاهما تتحدثان.
لينا: عمتم مساءًا... أنا جائعة، هل العشاء جاهز؟
بهية: سترة من هته التي على كتفيك؟
لينا: إنها لحسن...
بهية: كم هذا رومانسي!
لينا: أرجوك لا تبدئي... كل ما في الأمر أنه عرض علي توصيلي، وأعطاني سترته لأن الجو كان باردًا...
بهية: ياله من تصرف نبيل! على كل حال العشاء جاهز، ساعديني في تجهيز الطاولة.
غادرت لينا مع بهية لإعداد الطاولة بينما بقيت نهاد واقفة فدخل فواز.
فواز: مساء الخير سيدة نهاد...
نهاد: مساء الخير...
وترددت قليلاً ثم سألته عن ليوباردو الذي لم يعد إلى المنزل منذ الصباح.
نهاد: هل ليوباردو في طريقه إلى هنا؟
فواز: ألم يأتي بعد؟ لقد غادر المزرعة قبل بعض الوقت!
نهاد: كلا هو لم يحضر إلى هنا منذ أن غادر في الصباح، حتى أنه لم يتناول طعام الغداء معنا.
فواز: أعتقد أنني أعرف أين هو، لا تقلقي سيعود بعد قليل...
وهم بالمغادرة فاستوقفته نهاد.
نهاد: أين يمكن أن يكون؟
فواز: في يوم زفافكما، أمضى الوقت كله تحت شجرة البلوط بالحقول... رأيته عندما اصطحبت الآنسة ميس وزوجها إلى المنزل... في اعتقادي أنه هناك الآن...
نهاد: لكن الجو غائم ستمطر السماء لا محال.
فواز: أعتقد أنه قادم... هاهو يدخل الحديقة.
نظرت نهاد عبر النافذة فتأكدت من أنه قادم، عندها أسرعت بالتوجه إلى غرفة الطعام. فحرك فواز رأسه وضحك متوجها إلى غرفته وقبل أن يصل التقى بناريمان.
ناريمان: بماذا كنت تتحدث وتلك السحلية؟
فواز: أولا أنا لا أجيد لغة السحالي، ثانيًا هذا أمر لا يعنيك...
ناريمان: لا تكن جريء اللسان لأنني سأقطعه.
فواز: هل تغارين منها لأنها تزوجت ليوباردو وأخذته من الجميع؟
ناريمان: لا تكن متأكدًا لهذه الدرجة... زواجهما سينتهي قريبًا أأكد لك هذا.
فواز: وماذا إن أكدت لك العكس!
ناريمان: أراهنك على أن أبصق بوجهك أنهما سينفصلان.
فواز: وأنا أراهنك على أن اسقطك بزريبة الأبقار وأدحرجك هناك على روثها حتى النهاية أنهما سيرجعان لبعضهما البعض.
ناريمان: أيها القذر! سترى من يفوز بالنهاية!
وانصرف فواز.
فواز: إنها أجمل منك بكثير ناريمان، لا مجال للمقارنة بينكما.
اغتاضت ناريمان كثيرًا ورغبت في ضرب فواز وتلقينه أسوأ دروس حياته لكن صوت الجدة وهي تناديها جعلها تصاب بنوبة من نوع آخر.
أنت تقرأ
بقايا ركام لكاتبة بريق الامل
Romanceالانفجار... هو تلك اللحظة التي تضع نهاية للاحتقان والصراع المستمر بداخلك... هو تلك اللحظة التي تمنحك الحرية على حساب روحك المتناثرة أشلاءا في السماء... هو نقطة اللارجوع... وما اصعبها من نقطة تكون النهاية فيها بداية لفصل جديد. فصل من السواد تتخلله آه...