الفصل الخامس والعشرون
مضى شهر كامل على تواجد جمال بالمستشفى من دون تحسن في حالته ونهاد هناك لا تبارح المكان وهي تزوره كل يوم للاطمئنان عليه رفقة فراس الذي لا يبعدها عن عينيه للحظة. بالنسبة لماجدة كانت هذه رحلة سياحية، فهي تغادر في الصباح للتسوق والتجوال في العاصمة الضخمة المليئة بالإثارة لتعود إلى المنزل الذي استأجروه قريبا من المستشفى فتبدأ بتجريب مقتنياتها من الفساتين والمجوهرات تختال أمام المرآة، لتختم يومها ذاك بزيارة خاطفة لزوجها الذي دخل بغيبوبة وهو على حاله من دون جديد يذكر فتلعنه وتتمنى موته ثم تعود للمنزل وتمثل دور الزوجة المحبة الباكية أمام ولديه ومربيتها!!!
" ماجدة مسلسلك الدرامي طال أو قصر لا بد له من حلقة أخيرة..."
هذا ما قاله فراس بعد أن دخلت فريدة ونهاد إلى الغرفة وبقي هو معها في القاعة الرئيسية.
مسحت ماجدة دموع التماسيح، وهي تتأمل سخطه.
ماجدة: والدك ميت لا محالة...
فراس: أعلم، لكنك قد تموتين قبله... هل ضمنت العيش، إلى الأبد.
ماجدة: ما أفكر فيه يا حبيبي... هو أن نرحل أنا وأنت إلى مكان بعيد...
وقبل أن تكمل كلماتها كانت يد فراس تطبق على رقبتها بشدة.
فراس: أيتها المقيتة... لا تستفزي الوحش بداخلي لأنك ستموتين على يدي حالا.
ثم تركها بعد أن كاد يخنقها فراحت تشهق بجنون وهي خائفة ترتجف. ورمقها بنظرة ازدراء ثم غادر.
فراس: منحطة!!كانت لينا بالمستشفى وقد ألقت بجسدها المثقل بالهموم على الكرسي وهي تصارع أفكارها المتضاربة، لقد مضى شهر من الزمن منذ أن تهديد حسن لها ولكنها ظنت أنه تخلى عن الأمر عندما تجاوز الحادثة لتأكد لها أمه سماح أنها لا تختلف كثيرا عن أخيها هادي وتتقدم ببلاغ رسمي ضد صديقتها، إنها تتعمد فعل ذلك لإرضاخها وجعلها تحت سيطرتها، ولأسف ليس أمام لينا المسكينة أي خيار وإلا فإن صديقتها ستدفع الثمن.
لينا: مالذي سأفعله الآن؟ هل علي استجداء أمه البغيضة حتى تتنازل عن الشكوى ضد ريتا...
ثم انتفضت غاضبة: "لا وألف لا، لن أمنحها فرصة كهذه للشماتة بي..."
وعادت لتجهمها ذاك وهي تزفر بضيق.
لينا: لكن ما ذنب ريتا... عملها، سمعتها وكل حياتها على المحك بسببي....كان فواز يسير رفقة ناريمان في الحقول وهو يخبرها بما ينوون فعله وأي شجار سيغرسون وكيف ستصبح المزرعة عما قريب أما هي فكانت تتململ بداخلها فلا يهمها أي شيء مما يقول.
ناريمان: فواز !!! ألم تلاحظ أن كل ما تقوله لا يدخل ضمن اهتماماتي !
نظر إليها فواز باندهاش يشوبه بعض الحرج فقد بدت هادئة خلال الفترة الماضية، لكن يبدو أنها ما إن تعافت من اكتئابها حتى عادت لعادتها القديمة.
فواز: مرحبا بك بيننا من جديد ناريمان...
لم تستطع كتم ضحكتها فراحت تقهقه متعجبة من سرعة بديهته بينما لاحت هو ابتسامة هادئة على وجهه.
فواز: بما أنك شفيتي من اكتئابك فلن أعرض عليك مرافقتي للحقول مجددا... أنا أعلم أنني لا أروق لك...
ناريمان: أنت الخاسر...
يالثقتها الزائدة بنفسها وتبجحها ! لكم هي مغرورة هذه الفتاة. مع أن لينا ذات وزن وثقافة وصيت ومن حقها التباهي، إلا أنها جد متواضعة ولا تشتمه مثلما تفعل ناريمان أغلب الوقت، كما أنها تراعي مشاعره ولا تجرحه فذلك اليوم عندما حدثته ميس بغضب طالبة منه السكوت أسرعت لينا باحتواء الأمر حتى لا يجرحه ما سمع ولكي تخفف من التوتر... أيعقل أنها تهتم لأمره؟
هل ستترك ذلك الدكتور الوسيم ذائع الصيت و تقع في حبك أنت ! أنت حتى ناريمان لا تعبأ بك فمالذي قد تراه فيك لينا لتحدث المعجزة؟
إنه يناسبها أكثر منك حتى وقوفهما جنبا لجنب يعكس صورة متوازنة... أما أنت... فمن تكون؟
تنهد بضجر وضيق من تلك الأفكار برأسه. ورجع إلى حاضره على صوت ناريمان: لا تغضب فواز... لا أراك سيئا مثل البقية...
فواز: من تقصدين بالبقية؟
ناريمان: من برأيك؟ إنهم كل أسرتي...
أنت تقرأ
بقايا ركام لكاتبة بريق الامل
Romanceالانفجار... هو تلك اللحظة التي تضع نهاية للاحتقان والصراع المستمر بداخلك... هو تلك اللحظة التي تمنحك الحرية على حساب روحك المتناثرة أشلاءا في السماء... هو نقطة اللارجوع... وما اصعبها من نقطة تكون النهاية فيها بداية لفصل جديد. فصل من السواد تتخلله آه...