الفصل العاشر
ابتعد ليوباردو عن المستشفى يردد أسوأ الشتائم ساخطا على الجميع، فالتقى بنهاد وهي تمسح زجاج محلها،
وعندما رأته توقف ونظر إليها.
ليوباردو:اعتقدت أنك لا تقومين بمثل هذه الأعمال!
نهاد:علي أن أعتني بنظافة صالوني... أتريد شرب قهوة ساخنة؟
يبدو أنها تعتزم الهروب ليلا لتتفاجأ بلسانها يرحب به صباحا ! أصبحت تعجز حتى عن فهم نفسها... وكأنه ألقى عليها تعويذة ما لتجد عقلها ملغا تماما وأحاسيسها تجرفها تجاهه بقوة، إنه لأمر عجيب هذا الذي يحصل معها !
رد ليوباردو بعد أن ألقى نظرة على الساعة بيده.
ليوباردو: أعتقد أنني بحاجة لذلك.
أدخلت نهاد ليوباردو إلى المحل وأجلسته بالمكتب ثم طلبت من رنى الخروج لشراء القهوة وبقيا جالسين.
وليوباردو ينظر إلى الأزياء المعروضة هناك.
ليوباردو: أنت من تصنعين ثياب المهرجين هذه!؟
نهاد: لا تهزأ بي ولو لمرة واحدة بحياتك...
ليوباردو: أنا لم أقل أنها سيئة!
نهاد:ليوباردو، أحضرتك إلى هنا لأنني أريد أن أتحدث إليك بجدية...
ليوباردو: لا تسأليني عن ما فات لأنني سأغادر في الحال.
نهاد: أرجوك ليوباردو، أنا بحاجة لأعرف الحقيقة...
هم ليوباردو بالوقوف للمغادرة فأمسكت نهاد بيده.
نهاد: لا تغادر أرجوك.
نظر ليوباردو إلى يدها فانتبهت لنفسها وأسرعت بإبعادها عنه. ثم تنحنحت بارتباك وهي بداخلها تلعن نفسها لتهورها ذاك.
نهاد: أخي يستمر في الدفاع عنك ولا يراك مذنبا، وأنا بالفعل لا أعرف ماهو الصواب وماهو الخطأ... أنا مشوشة، أريد فقط أن أعرف الحقيقة... هذا كل شيء... من أجل أن أرتاح، أنا أرجوك.نظر ليوباردو في وجه نهاد الذي امتزجت فيه علامات الحيرة والفضول
بعيون حزينة تخفي أسرارها بعيدا ولا تريد البوح.
ليوباردو:لو علمت أن الحقيقة فيها راحة لك، كنت أخبرتك...
صمتت في صبر لعلمها أنها لا تستطيع إرغامه على الكلام، هو غير مستعد
لفتح صندوقه الأسود ذاك ونثر أحزانه ... يكفيها لمعة عيونه الهادئة لتعرف
أنه إنسان لا يعرف طعم النسيان وأن ماضيه كان مليئا بالحرمان...
ما أيقظها من شروذها ذاك هو صوته الهامس بتعب.
ليوباردو: نهاد، هلا أغلقت هذا الموضوع نهائيًا...
ابتسمت وهي ترفع طرفها إليه، فلم يفهم ليوباردو ابتسامتها تلك.
ليوباردو: هل قلت ما يضحك؟
نهاد: أبدًا... لكنني لأول مرة أسمع اسمي يتردد على شفاهك... فأنت تنعتني دائمًا بالصغيرة ويا فتاة وأحيانًا بالشقية!ابتسم ليوباردو في صمت وبقي يراقب عيونها التي لم تستطع الالتقاء بعيونه بعد هذه الكلمات فراحت تخط على أوراقها بقلمها في حركة خرقاء ذهابا وإيابا.
نهاد: منذ ثلاث أشهر وأنا أتهمك بموت أمي وأحقد عليك، لكنني في أعماق نفسي كنت أعلم أنك بريء... لماذا يراك الجميع بوجه الذئب الجامح بينما أراك أنا دائمًا بوجه الخروف؟!!!
ليوباردو: لأنك ساذجة، أنت لم تختبري المكر والخداع بعد لتريه بوجوه الآخرين...
رفعت طرفها إليه وهي تعلم أنه كاذب يبني الحواجز أمامها... ربما هو يزرع طريقها إليه بالأشوك عمدا حتى تبتعد.
وهي أيضا تحاول جاهدا أن تقتلعه من حياتها نهائيا لكنها تفاجأ دوما أن جذوره متوغلة أكثر بداخلها... حتى الآن لا تدرك حجم توغلها ذاك... لكنها تدرك جيدا أنه لا مفر لها من مواجهته... و الآن قبل فوات الأوان.
نهاد:ليوباردو، أخبرني أرجوك مالذي علي فعله حتى أعيدك إلى العدم وأنتزعك نهائيًا من بالي؟
ليوباردو: الأمر سهل، اكرهيني... عندها لن تتمنني رؤيتي حتى في منامك.
نهاد: أيحصل معك مثلما يحصل معي؟..
ليوباردو:ومالذي يحصل معك؟
نهاد: أنا أفكر فيك في أغلب الوقت...
ليوباردو: أنا أيضًا أتذكرك عندما أشعر بالسخط على والدك... هذا أمر طبيعي.
نهاد: أشعر أنني أسير إلى الهاوية من دون توقف...
ليوباردو: أنت تقولين كلامًا أعجز عن فهمه.
نهاد: خطر ببالي سؤال غريب، هل ستجيبني عنه؟ دون أن تتفوه بحماقاتك وتستفزني؟
ليوباردو: أنا أسمعك.
نهاد: هل يمكن أن تحب فتاة مثلي ذات يوم؟ أقصد بمثل صفاتي دون أن يكون أبي بالصورة.
صمت ليوباردو للحظات وهو يردد جملتها بعقله حتى يستوعب ما ترمي إليه.
يا إلهي ، يبدو أن رشوان الصغيرة قد ألغت كل القواعد وهاهي توجه له سؤالا مباشرا لن يتملص منه.
ليوباردو: يمكن أن يحبك أي إنسان، فأنت فتاة صالحة.
التمعت عيونها عند سماعها لجملته التي خرجت هادئة من شفاه ترتسم عليها ابتسامة زرعت الطمأنينة داخلها.
نهاد: أحقًا ترى أنني فتاة صالحة!
فغمزها ليوباردو بمزاح
ليوباردو: وهل أنت غير ذلك؟
نهاد: لا... أنا كذلك بالطبع.
ليوباردو: إنه دوري بالسؤال، أتذكرين اللعبة؟
نهاد: أكيد، تفضل.
ليوباردو: هل يمكن لفتاة صالحة أن تحب شابًا فاسدًا مثلي؟
أنت تقرأ
بقايا ركام لكاتبة بريق الامل
Romansaالانفجار... هو تلك اللحظة التي تضع نهاية للاحتقان والصراع المستمر بداخلك... هو تلك اللحظة التي تمنحك الحرية على حساب روحك المتناثرة أشلاءا في السماء... هو نقطة اللارجوع... وما اصعبها من نقطة تكون النهاية فيها بداية لفصل جديد. فصل من السواد تتخلله آه...