الفصل الثامن والعشرون
حل المساء وبدأت العصافير تحلق في السماء لتختبئ بأوكارها. كانت أسراب الزرازير ترسم أمواجا متحولة تغير من شكلها وهي تقطع المسافات بسرعة فائقة... لكم هو ممتع أن تراقبها وهي تطير بتناغم كبير وسط أعدادها الهائلة، وتكتسح السماء بغيمة سوداء هائلة...
كان المهندس إياد جالس مع أخته ريم في حديقة منزل رشاد) والد ريان(وهما يتحدثان وريم تضحك بشدة.
ريم: تابع أعجبتني هذه الطريقة الجديدة لري النباتات !
إياد: تصوري حتى أنهم لا يفرقون بين القوانين والأعمال الخيرية !
ريم: يعجبني هؤلاء الرجال... كلما ذهبت عند ريان من أجل الجلسات العلاجية لا أكف عن الضحك من تصرفاتهم الغريبة...
إياد: الحقيقة تقال هم يعملون بجد... يطيعون أوامر ريان بحذافيرها. ويحبونه كذلك...
ريم: إنهم أصدقاؤه...
إياد: لا يعتبرهم كذلك... فهو الزعيم وهم أدنى مستوى... هكذا هي العصابات، أقصد عندما كانوا خارجين عن القانون...
ريم: هم أصدقاؤه إياد... الأمر ظاهريا يبدو كما تقول، لكن من الجانب النفسي هؤلاء الفضاض الغلاظ كما تقول هم سنده في الحياة قبل كل شيء... يصعب شرح الأمر ولكن بالتجربة فإن ريان غير مستعد للتخلي عن أي فرد من هؤلاء مقابل أي إغراء وتحت وطأة أي ظروف...
فتنهد إياد: أنت الطبيبة النفسانية وليس أنا.كانت نهاد تجلس إلى لينا في الشرفة وهما متوجهتين بنظرهما إلى الحديقة وكل منهما بمصيبتها تفكر والصمت سيد الموقف
نهاد تفكر جديا فيما قالته لها ميس. أما لينا فقد كانت تسترجع تلك اللحظات القاسية التي كشفت لها عن صفات من النبل لم تكن لتتخيله في نفس واحد من البشر، خصوصا وأنها كانت تعيش مع الذئاب فوالدها وإخوتها أبعد ما يكونون عن الانسانية.
كانت تتذكر كيف تحدى والدها ولم يسمح له بلمسها، وكيف رضخ لمطلبها رغم أنه كان في حالة هيجان مستعر، مع ذلك هو لم يكسر بخاطرها... لقد أولاها الأهمية فهو لم ينتقم لنفسه بل تركه اكراما لها...
هي حتى لا تعامله بود ورأفة... ربما ما كانت تستحق منه كل هذا الاهتمام، ويا ليته لم يفعل هذا فقد جعلها تنظر لنفسها باستصغار واحتقار، هذا يشابه تماما معنى أن يرد الانسان الاساءة بالاحسان...
دخلت فريدة وتأملت الاثنتين الأولى تضع خدها على قبضة يدها وتنظر إلى الطيور بعمود الكهرباء ولا يبدو من شكلها أنها تعدهم فلو كان الأمر كذلك لكانت قد انتهت مند زمن، والأخرى تطرق بأصابعها على الطاولة بتتابع في حركة روتينية كما هي عادتها وهي تراقب باب المزرعة بانتظار عودة فراس.
بعد أن تأملتهما لفترة ودون أن يشعرا بها قررت أن تنهي هذا الوجوم الطويل.
فريدة: من القتيل؟
فاستفاقت الاثنتان على صوتها والتفتتا إليها بذعر.
نهاد: من هو فريدة؟
لينا: متى حصل هذا؟
فتعجبت فريدة حقا منهما.
فريدة: القتيل الذي تقيمان دقائق الصمت ترحما عليه !!! يبدو أنكما بعالم آخر ! حتى أن قهوتكما بردت دون أن تشرباها... مالذي يحصل معكما الآن...
فاستراحت الاثنتان وضحكتا رغم أن ضحكهما ذاك كان مسايرة لها وحسب. ثم قامت لينا ترتب هندامها.
لينا: سأزور فراس بعمله عن إذنكما.
تعجبت نهاد من هذا الاهتمام المفاجئ لكنها لم تقل شيئا بينما أشارت لها بهية أنهما تشاجرا وقالت بخفوت حتى لا تسمعها لينا التي كانت تسير نحو الدرج.
فريدة: جاء بسيارته يسابق الريح، كان غاضبا كموجة تسونامي هائلة...
وقبل أن تكمل قاطعتها نهاد: فريدة كل الأزواج يتشاجرون... دعك من الغيبة.
فريدة: حسنا يا صغيرتي، لن أخبرك شيئا حتى وإن ترجيتني... ولن أجلس إليك.
نهاد: فريدة لا تغضبي...
فريدة: سأنزل إلى المطبخ لأرى أين وصل إعداد العشاء.
وخرجت من هناك متظاهرة بالانزعاج. بينما بقيت نهاد تفكر لبرهة فيما قالته لها ثم غلبها الضحك.
نهاد: فريدة والتسونامي....
أنت تقرأ
بقايا ركام لكاتبة بريق الامل
Romanceالانفجار... هو تلك اللحظة التي تضع نهاية للاحتقان والصراع المستمر بداخلك... هو تلك اللحظة التي تمنحك الحرية على حساب روحك المتناثرة أشلاءا في السماء... هو نقطة اللارجوع... وما اصعبها من نقطة تكون النهاية فيها بداية لفصل جديد. فصل من السواد تتخلله آه...