الفصل التاسع والعشرون

81 4 0
                                    

الفصل التاسع والعشرون




وصل فواز إلى المنزل بعينان تلتهبان نارا ودفع الباب بقوة فهلعت ناريمان وما إن رأته على تلك الحال حتى أدركت أن المشكلة كبيرة فارتعشت أطرافها وانتابتها موجة رعب شديد.
ناريمان: فواز ... ! مابك؟
فواز: كاذبة... منافقة....
بلعت ناريمان ريقها وأدركت أن فواز اكتشف ما حاولت اخفاءه طيلة الأشهر الماضية.
فواز: استغفلتني كل هذا الوقت وأنت تتوعدينني بالمولود الذي سيمنحنا السعادة والسرور وأنا كالغبي أنتظر الخبر السار كل شهر !!!
ناريمان: فواز اهدأ ... واجلس من فضلك.
صاح بها فواز بشراسة: لماذا استغفلتني يا ناريمان؟... لماذا لم تصارحيني !!! أنت عقيم...
دوت هذه الكلمة في أذني ناريمان حتى كادت تفقد صوابها.
ناريمان ببكاء: ليس ذنبي...
فواز بغضب أكبر: بلى... قال الدكتور أنك أجهضت مرتين ولهذا السبب أتلف رحمك... لماذا كذبت علي؟ لماذا لم تصارحيني؟ لماذا تركتني معلقا على أمل غير موجود؟.. إلى متى كنت ستستمرين في لعبتك !!!
انتفضت ناريمان بحرقة وألم: هذا لأنني كنت أعلم أنك ومنذ البداية لم تكن تحبني... مازلت تفكر في لينا... لينا الدكتورة، لينا المثالية، لينا المثقفة والراقية... وأنا في نظرك لست سوى مومس حقيرة لن تكفي بحار العالم لتطهيرها من دنسها...
فواز: أنت كذلك...
تلقت ناريمان هذه الكلمة كصفعة دوت أذنها فهي لم تكن تتوقع أن فواز سيحطمها بهذا الشكل.
فواز: أنت من جنى على نفسه... وساخة ودناءة ونفاق وشر لا ينتهي...
ثم دفع الباب بقوة كإشارة منه لتخرج.
فواز: إلى الجحيم ناريمان آل شاهين.
نظرت إليه ناريمان بغير تصديق وهي تحاول استيعاب الأمر، أهو الغضب ما يجعله بهذا الشر أم أنه كان ينتظر فرصة كهذه ليرمي بها بعيدا عن حياته!...
ناريمان: سنلتقي فيه معا حبيبي...
وغادرت إلى الغرفة لتجمع أشياءها بينما أسند هو ظهره على الجدار والدم لا يزال يغلي في أوردته.

كانت نهاد جالسة على الكرسي وهي ترتشف الماء عندما وصل فراس بسرعة وأول من التقى به كان ريان عند المدخل.
فراس: ريان !!! هي بخير؟ أين هي؟
فأشار ريان إليها.
ريان: هي هناك إنها بخير لكنني اتصلت بك لتوصلها إلى المنزل، لن تتمكن من القيادة على هذه الحال.
وأسرع إليها فراس فارتمت في حضنه وراح هو يضمها إليه بقوة لتهدأ وريان يتفرج عليهما، فاقترب منه نصر.
نصر: لقد تأخرتُ كثيرا... سأذهب الآن، أنصحك بزيارة المشفى فقد كانت سقطتك أقوى لإسنادك لها...
ريان: أنا بخير.
كان نصر يعلم منذ البداية أنه لن يستمع لكلامه لكنه قام بتنبيهه وهذا أضعف الإيمان.

حان موعد الاستراحة ولينا رفقة حسان في الكفتيريا التابعة للمشفى.
حسان: قبل أن تموت أمي... وعندما شعرت أن صحتها في تدهور مستمر قررت إخباري بكل الحقيقة...
لينا: ماذا قالت؟
حسان: قالت أنها كانت في الخامسة عشرة من عمرها عندما فرت من أسرتها إلى العاصمة على متن قطار لم تكن تعرف حتى وجهته... وهامت على وجهها في الشوارع حتى التقت بأبي الذي تعلق بها ثم قرر أن يتزوجها، ولكي يسوي أمورها القانونية جعلها تنتحل شخصية احدى قريباته المتوفيات والتي لم يقم أهلها باسقاطها من السجلات رسميا...
لينا: أخبرني المتحري بهذا الكلام قبل سنوات رغم أنه كان مجرد فرضية... إنه بارع حقا رغم أنني وقتها قلت أنه كلفني الكثير دون أن يأتيني بإثبات ملموس !!!
حسن: أنا آسف لينا... كنت أنت محقة، أنا لم أشك يوما في ما تقوله أمي ولم أفكر يوما في أنها تخفي عني أمرا كهذا... آسف أنني اتهمتك ولم أستمع إليك.
لينا: لا يهم، ما حصل قد حصل...مالذي تفكر فيه الآن؟
حسان: أريد التعرف على أخوالي... وأبناء أخوالي...
غلب لينا الضحك لكنها حاولت تمالك نفسها.
لينا: خالك الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة هو أبي هادي آل شاهين وهو البكر بين كل إخوته... ولا أعتقد أنه مُرحب بك في عالمه... لا تسألني لماذا لكنك حين تلتقيه ستعرف أن ما أقوله حقيقة... أولاده الثلاثة أي إخوتي. وائل وفؤاد، نسخة عنه أصلية ولا تقبل التقليد. الأصغر حسام وكأنه شرد عن القطيع بعض الشيء لكنه ان ابتعد أكثر فنهايته ستكون مثلي منبوذة وبلا أي جذور... ثم تأتي أمك وبعدها عمي رشاد الذي توفي قبل زمن بعد أن أطلق عليه ابنه الوحيد طلقة واحدة أصابته برأسه فأردته قتيلا... اسمه ريان وهو حاليا أقوى فرد بكل العائلة بعد تراجع نفوذ والدي في السنوات الأخيرة. هو متقلب المزاج وصعب الميراس قد يصفه لك أحدهم على أنه غول يلتهم البشر لفضاعته لكنني أأكد لك أنه الأفضل على الاطلاق... وستتأكد من هذا بعد سنوات من تحليل شخصيته فكن صبورا... نأتي إلى عمي قيس، توفي قبل خمس سنوات وبضعة شهور. ترك ابنتين الكبرى ميس، إنها رائعة وطيبة... والثانية ناريمان أفعى بالمختصر فلا أريد أن أغتابها... أصغر أعمامي هو كمال وقد خرج من حياتنا في وقت مبكر أي عندما شاهد بوادر الحرب بين أفراد العائلة فنجا بنفسه... يمكننا أن نصفه بالأرنب. ولسنا ندري حتى الآن إن كان حيا يرزق أو أنه قد لقي مصرعه حيث هو...
ثم نظرت إلى حسن الذي بدت علامات الاندهاش على وجهه.
حسن: يالها من عائلة فريدة من نوعها!
لينا: جدتي رحمها الله كتبت قصر آل شاهين باسم أمك أروى قبل أن تموت لكن أبي جهد حتى يسقط ملكيته وبعد سنوات من الحكم والاستأناف قررت المحكمة بيعه في المزاد لتقسيم ثمنه بين الورثة وريان ينوي شراءه إن لم يتدخل أبي بالموضوع بالطبع، وسارت الأمور بشكل جيد... يمكنك المطالبة به فهو من نصيب أمك...
فقاطعها حسن: لا، لا، لايهمني الأمر فمن الصعب إثبات صحة انتسابها للعائلة من جديد... أنا مرتاح ماديا والحمد لله. كل ما أريده هو التعرف على عائلتي...
لينا: لماذا لم تحضر ابنتك معك؟.. على الأقل كانت ستكون سعيدة بالتعرف على عائلتها الكبيرة.
حسن: إنها عند جدتها أم والدتها، حاليا هي في فترة دراسة... أنا هنا رفقة زوجتي، سنزوركم قريبا انشاء الله.
لينا: تزوجت إذن، مبارك عليك...
حسن: أجل... التقينا صدفة... حتى أنها من بلدتك...
لينا: من بلدتي؟
حسن: ستتعارفان حالما تلتقيان... مبارك زواجك أيضا...
لينا: أشكرك... سأخبر ريان بكل الحكاية ثم أتصل بك لتلتقي بكل العائلة، فقط اترك لي رقم هاتفك.

بقايا ركام لكاتبة  بريق الاملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن