الفصل العشرون
غادر ليوباردو متوجها إلى الحقول وهو يفكر بينه وبين نفسه: "مالذي تفعله ليوباردو... كل هذا لم يكن ضمن حساباتك... بدأت بتدمير جمال رشوان ولم يتبقى أمامك الكثير... لكن ماذا عساك ستفعل بابنته. وهل ستكون هي العقبة التي ستحول دون تحقيق أهدافك؟"
ثم ضرب على جبهته بغيض ": أيها المعتوه، لماذا أدخلتها حياتك... أنت تحب ميس، ولن تحب امرأة على وجه الأرض غيرها... فلماذا تقحم فتاة أخرى حياتك، هل لتثبت لنفسك أنك تخلصت من تلك الذكرى المؤلمة للأبد وأنك تستطيع المضي قدما... هل لأنك تريد محو كل ماضيك بالغت في تقدير اختياراتك."
ثم تذكر براءة وجه نهاد وكيف أنه يصبح أبلها من دون عقل عندما تكون بقربه... لن ينكر أنه يحمل لها بقلبه مشاعر يعجز عن فهمها أو بالأحرى يرفض الاعتراف بها... وزفر بغيظ وهو يردد: "ماهذه الورطة يا إلهي..."عند الظهر توجهت نهاد إلى منزل والدها لزيارته وهناك رحبت بها فريدة التي كانت في غاية القلق عليها خصوصا بعد ما حدث يوم زفافها، طمأنتها نهاد وأخبرتها أنها على أحسن ما يرام ما جعلها تهدأ... ومباشرة توجهت إلى غرفة والدها لتطمئن على حاله، وقفت طويلا عند الباب... كيف ستواجهه وماذا ستقول؟ أخبرتها فريدة أنه يلازم الفراش وأنه ليس بخير، لكنها حقا لا تدري إلى أي مدى هو متضرر. همست لها فريدة: ألن تدخلي؟
هذا ما جعلها تحرك مقبض الباب وتدفعه ببطء شديد نحو الداخل، وتراءى أمامها والدها وهو يرقد على فراشه بسكون. اقتربت منه على مهل حتى لا يستيقظ وعندما لمحت وجهه انتابها الرعب من شكله. فالتفتت بسرعة لفريدة.
نهاد: مابه؟ لماذا فمه مائل بهذا الشكل؟
فريدة: اهدئي... يبدو أن فراس لم يخبرك بأن والدك قد تعرض لارتفاع ضغط شديد ما أدى إلى حدوث شلل نصفي... جانبه الأيمن كله مشلول... هو لا يستطيع تحريك أي طرف لا يده ولا قدمه... نحن من نطعمه، أنا وماجدة نتساعد في الاعتناء به.
يا إلهي، أيعقل هذا... والدها القوي المرعب يرقد طريح الفراش وبين عشية وضحاها يتحول من أسد يزأر إلى فريسة منهكة خائرة القوى...
هل تستهين بقدرة الجبار أم أنك تعجب من لعبة الأقدار، لكل طاغ مهلة... مهلة له فيها أن يراجع حساباته أو أن يسترسل في طغيانه... لكن إذا جاء موعده... فلن يؤخر عنه ساعة واحدة...ولقد علمت بأن قصري حفرة غبراء يحملني إليها شرجع
إن الحوادث يخترمن وانما عمر الفتى في عمره مستودع
يسعى ويجمع جاهدا مستهترا جدا وليس بآكل ما يجمع
حتى إذا وافى الحمام لوقته ولكل جنب لا محالة مصرع
نبذو إليه بالسلام فلم يجب أحدا وصم عن الدعاء الأسمع
وضعت نهاد يدها على فمها تريد البكاء وعيونها تمتلئ بالدموع. لكم هو مؤلم وقاس أن نشاهد من نحب يتعذب أمام أعيننا ونحن نقف مكتوفي الأيدي نتفرج عليه وحسب... رغم كل شيء يظل والدها الذي لم تعرف أبا غيره... وحتى إن كان قد دمر حياة أناس أبرياء فإنها مازالت تحتفظ له في ذكرياتها بصورة أب حنون يدللها ويعتني بها.
قامت فريدة بأخذهافي حضنها وهي تمسح على ظهرها بحنو.
فريدة: لا تقلقي، قال الطبيب أنها مسألة وقت... سيرجع إلى سابق عهده انشاء الله...
نهاد: حقا قال هذا أم أنك تقومين بخداعي...
فريدة: لا، أنا أتحدث بجد... قال أن شفاءه سيأخذ وقتا كما أنه بحاجة لعلاج فيزيائي... لكنه أكد أنه سيعود لصحته انشاء الله وقال أن كثيرون من حدث معهم نفس الأمر وقد تعافوا نهائيا...
نهاد: انشاء الله... أرجو من الله أن يشفيه.
أنت تقرأ
بقايا ركام لكاتبة بريق الامل
Romanceالانفجار... هو تلك اللحظة التي تضع نهاية للاحتقان والصراع المستمر بداخلك... هو تلك اللحظة التي تمنحك الحرية على حساب روحك المتناثرة أشلاءا في السماء... هو نقطة اللارجوع... وما اصعبها من نقطة تكون النهاية فيها بداية لفصل جديد. فصل من السواد تتخلله آه...