الفصل السابع بعنوان #بناء_الذات

23 1 0
                                    

ملاك تجتهد في متابعة سعاد ودروسها ، من جهة تستعيد معلوماتها في المدرسة الابتدائية ، ومن جهة اخرى تقطع الوقت وملله القاتل ؛ فهي محبوسة في الغالب في غرفتها وجناح الخادمات لا تغادرها برغبةٍ منها وبوجود المراقبة المشددة من الجميع عليها .
تستغرب سعدية من ذكائها المميز ، تحل اصعب المسائل باسهل الطرق وساعدت في رفع مستوى سعاد كثيراً ، حتى ان المعلمات في مدرسة سعاد يتساءلن عن سر هذا التطور الايجابي المحمود.
حاولت سعاد اقناع ام عبدالله بالحاق ملاك في المدرسة ، لكن طلبها جوبه بالرفض المطلق والنهائي ، حتى انها حاولت اشراكها في الدراسة المنزلية ، لكن لا يمكن ذلك بدون وثائق او هوية ، مسكينة هذه الطفلة الكل وكل الظروف ضدها .
مع التحسن البطيء الذي تشعر به بدأت بمتابعة الخادمات في المنزل والتعلم منهن قدر المستطاع ، اي شيء وكل شيء ، هدوءها المحبب واستماعها للتوجيهات جعلها مقربة من الجميع ، في الغالب لا تتكلم ، ولا تُشعر احد بوجودها .
بدأت الخادمات بالاستعانة بها في بعض الامور من باب تعليمها سواء في الطبخ وعمل الحلويات والحياكة واعداد المشروبات الساخنة والباردة ، والاجمل تعلم اللغات .....
أكثر الخادمات يتقن اللغة الانجليزية بالاضافة الى لغة بلادهن الاصلية ، وملاك تبهر الجميع بسرعة استيعابها وفهمها لكلمات وجمل من هذه اللغات ، ملاك ايضاً حنونة تقوم باعمال من تشعر بالتعب او الاجهاد منهن ، ملاك قريبة من الكل ، وملاك يحبها الكل ، والشعور الاجمل بل اجمل الاجمل الذي تتعايشه ملاك ان الكل ايضاً يناديها ملاك .......

دخلت مع صديقتها المقربة سوني لتنظيف الغرف والاجنحة في القصر ، لم ترغب في الذهاب ، ولكن سوني متعبة وهي اكبر الخادمات سناً فآثرت الضغط على نفسها والذهاب خاصةً ان القصر فارغٌ تماماً فكل افراد العائلة ذهبوا الى قصر الجد ابو قاسم في احتفالية سنوية لعيد ميلاده ، وهي مناسبة تعرفها ملاك جيداً لا يمكن لأحد ان يتخلف عن حضورها ويستمر اجتماعهم الى ما بعد الفجر.
طبعاً التنظيف متعب لان الاجنحة كبيرة ، واجملها جناح روعة ، اسمٌ على مسمى ، يخلب الابصار بالوانه الجميلة وديكوراته وحتى أثاثه الراقي والانيق ، لكن البنت بحد ذاتها فوضوية ، لا تهتم بترتيب ملابسها او سريرها او تسريحتها ، تركن على الاغلب على الخادمات .
واحد اجنحة الشباب يشابهها في قلة الاهتمام بالترتيب ومن الملابس عرفت انه جناح علي ، جناحه بشبهه ، متواضع الى حد ما في اثاثه وديكوراته ، واتعبها لضعف جسمها العمل وظهر على محياها ، اقترحت عليها سوني الذهاب للاستراحة في الجناح المقابل ريثما تنهي سوني عملها وتتبعها هناك.
وافقت ملاك بايماءة متعبة وتوجهت الى الجناح المقابل ، واضح انه جناح احد الشباب ، ولكن يتميز بالذوق والترتيب كانه قطعة هندسية ، كل شيء فيه منسق ولا يبدو ان سوني ستتعب في تنظيفه ، فضولها ادخلها غرفة الملابس لتعرف من صاحبها ، كالعادة كل شيء مرتب ، قسم للاثواب وقسم لملابس سبور شبابية وقسم ملابس رياضية ، جناح كامل للاحذية والساعات والقبعات المميزة ، طبعاً بسهولة عرفت صاحب الجناح ، انه البغيض خالد ، أتتها فكرة بان تحرق الجناح بكل ما فيه او تمزق الملابس ، او اي شيء سيء تقدر عليه .
قطع افكارها الجهنمية صوت انفتاح باب الجناح ونحنحة رجل مع عطره الذي يسبقه دفعها الى الاختباء في احدى الخزائن مذعورة وترتجف : اي مصيبه رميتي حالك فيها يا ملاك ، دخلتي بيت الذيب برجليك!!!!
لم يستطع الذهاب الى قصر الجد ولأول سنة لا يحضر هذه المناسبة وفي واقع الامر منذ الحادثة لم يدخل بيت جده ابداً فلا قدرة له على مواجهتهما بعد ما حصل ، رغم اشتياقه لهما ولكن فكرة ان الصورة المثالية التي لطالما رسمها له جداه انهارت ، هذا لوحده اكبر مانع ، وكله من تلك الشيطانه لعنة الله عليها .
دخل غرفة الملابس مجهداً مرهقاً وبدأ بنزع ازرار قميصه ، ذكاؤه المميز جعله يحس بشيء ، فتح باب الخزانة بخفة ، واندفع ليحيط المتسلل بجسمه ويحكم قبضته عليه ، حاولت الهرب لكن لم تفلح ، دفعها الى الحائط وهو يشد ذراعيها الى الخلف ، خرجت منها ااه متألمة من شدة قبضته.
خالد بسخط : يا حياالله ببنت العم ، ايش جابك هني !!
ملاك ضربت ساقه بقدمها فأفلتها متألماً ، سارعت بالخروج من غرفة الملابس باتجاه المخرج لتهرب ، لكنه كان اسرع منها ، حملها بذراعيه والقاها بقوة على السرير ، وكل حقد وغضب الدنيا يسيطر عليه .
وين تهربين يا شيطانه ، جاوبي الحين ، ليه جيتي جناحي .
لم تجب فقط حاولت الهرب ، امسكها من جديد وصفعها بقوة على وجهها حتى شعرت بالدوار ، ادركت ان الفرار لم يعد ممكناً وان هذا الذئب سبق وان حاول الاعتداء عليها والان الفرصة متاحة وكتلك المرة هذا خطأها هي .
امسكها من كتفها بيد وشد ذقنها باليد الاخرى : ليه ساكته ، فكرك تكملي خطتك وتحطيني تحت الامر الواقع ، ايش هالخبث الي عندك .
نزعت يده من فكها وتكلمت بخوف : خالد اي خطط ؟ انا انا !!!
اجاب بقسوة : انت بنت حقيرة ، ومتعودة تصيدي الرجال ، هالحين قولي مين صاحبك الي كنت تستنيه بالاستراحة ؟
ناظرته بصدمة ! واكمل هو بتحقيق : قولي الصدق ، والا يا بنت منال نهايتك على يدي .
زادت في حدة نظرتها رغم وجهها الذي لا زال فيه زرقة وانتفاخ : مالك شي عندي وماني مضطر ابرر لأمثالك يا حقير .
بغضب شديد مزق قميصها ثم شدها من شعرها ودفعها باتجاه المرآة الطويلة : اتطلعي على حالك شوفي حقيقتك ، انسانة بشعة من الخارج ومن الداخل ، لا دين ولا اخلاق ولا جمال وشو ما اساوي بيك الحين قليل عليك ، والله لاخليك تندمي عل كل شي .
خالد اتركني خلني اروح انا ما ادري انه جناحك انا جيت بالغلط .
بجنون اكثر صرخ : يا قليلة الحيا ، لجناح مين كنت رايحة ومين ناوية تتبلي ؟؟
قبل ان تجيب صوت ابواب وهرولة في الصالة ، ارخى يده ليرى من المتلصص، استغلت انشغاله فتحت الباب وهربت باقصى ما عندها من طاقة حتى وصلت جناحها واغلقت الباب وجلست على الارض تلهث غير مصدقة ان الله انجاها للمرة الثانية من هذا الذئب ، نظرت الى ملابسها الممزقة وبخوف: هذا اكيد مو طبيعي يا يتعاطى او يسكر ، شلون يهون عليه يعتدي على بنت عمه الي من دمه وما تحلل له !! الله ينتقم منه ما كفاه شوه سمعتي منه لله .
بدات دموعها كالعادة تشاركها احزانها ، وقامت لتغيير ملابسها الممزقة ورائحة عطره التي احتوتها للمرة الثانية في حياتها ، تشعر بها قد تسربت الى كل خليةٍ في جسمها.

رحلة عذابي اناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن