الفصل الثامن بعنوان #بينهم_غريبه

30 1 0
                                    

الاستعدادات تجري على قدمٍ وساق لحفلة زفاف عبدالله .
ام عبدالله مشغولة تماماً ولا يكفيها ٢٤ ساعة في اليوم لتجهيز امورها ، واشغلت الجميع معها ، رماح وحنين ، في اقامة دائمة بمنزل الاهل ، وسعدية عليها حملُ ثقيل في متابعة كل صغيرة وكبيرة .
هذه اول مناسبة ستعيشها هذه العائلة الغنية ولا بد من انجاحها وبشكل مبهر .
*****
العروس اتمت تجهيز نفسها بكل ما يلزم من خارج البلاد وداخلها ، واطمئنت بنفسها على تجهيز جناحها الفاخر في قصر الجد ، حتى الاثاث استورد خصيصاً حسب رغبتها وذوقها الراقي او لنقل المكلف ، فالمظاهر تعني الكثير ل هبة ابنة الدكتور سعود ، حتى انها عملت في الخارج وبعلم امها عمليات صغيرة لتكبير الشفاه ونفخ الخدود وشفط بعض الدهون رغم نحافتها اصلاً ولكنها شخصية تحب التميز والكمال في كل شيء وساعدها في ذلك تدليل والديها المفرط لها وتلبيتهما لجميع رغباتها دون نقاش.
بالطبع لم يفتها ان تنشر على صفحاتها في وسائل التواصل كل مظاهر الفخامة والرقي لتبهر او لتغيض صديقاتها وتظهر هول الامكانيات المادية التي بين يديها .
دخلت عليها هديل واحتضنتها برقة ، ثم جلست بجانبها تراقبها بحنان .
هبة بتحقيق : وين بزرانك ما اسمع لهم صوت؟
هديل برقة : تركتهم عند خالتهم هناء وجيت اشوفك
هبة ودون مراعاة : خير ما عملتي ، لن وجودهم دايم ينرفزني ويوتر اعصابي صراخهم .
هديل بتمني : بكرة يصير عندك بزران ويقرقعوا فوق راسك اربع وعشرين ساعة ههههههه.
هبة : فال الله ولا فالك وش بزران وخلفة ، انا ابي اعيش حياتي واسافر وما فكر بالخلفة غير لما اطق الثلاثين .
هديل بسخرية : اي صدقتك ، عاد وعبدالله يرد عليك ويقلك حاضر وامرك ، وهو طول النهار يشيل ببزران خواته ويلاعبهم ، والله انك مسكينه.
هبه بتحدي : ومين قالك اني مستني رايه ، انا شريت حبوب المانع من الحين وما رد على حد.
هديل باستغراب : واذا جوزك رفض وش تساوين؟
هبه وهي تدور بفستانها الذهبي تستعرضه على مرآتها الثلاثية الابعاد : اصلاً ما حاقوله واوعك اسمع انك قلتي لحد فاهمة .
خرجت من عندها هديل وهي تطمئن نفسها : بكرة تعقل ، وتصير مثل البسة عند عبدالله ، لو اظل مقابلها كمان شوي غير تجنني ، اروح اقابل امي اشوى .

***********
علي كعادته يشرف على اغلب التجهيزات ومنها الساحة الكبيرة امام القصر لسهرات الشباب التي ستمتد في الغالب ل ثلاث ليال قبل الحفلة الرئيسية ، واخذ منه العمل وقتاً وجهداً كبيراً حتى انه لم ينتبه لحرارة الشمس المتعامدة على رأسه فاصابته بدوار خفيف وكاد يسقط على الارض لولا ان احد المساعدين له أسنده ثم اوصله الى اقرب مكان لاسعافه ...جناح الخادمات.
طرق العامل الباب بقوة واخذ ينادي ، لم يكن في الجناح احدُ الا ملاك فكل الخادمات مشغولات في القصر .
اعاد العامل الطرق بقوة مع الصراخ طالباً الاغاثة ، نظرت من النافذة فرأت علي مسنوداً على الارض وشبه فاقدٍ للوعي .
بارتباك سألت العامل مما يشكي ، فاخبرها انها ضربة شمس ، ولأنها تدرك خطر ضربات الشمس ، لم تتوانى عن الاسراع بفتح الباب ، ثم مساعدة العامل في ايصاله الى الكنبة الكبيرة في الصالة ، ثم سارعت باحضار الماء ، ورشه على وجهه ثم قربت الكأس من فمه وبهدوء : بسم الله ، اشرب يا علي المي على مهلك .
بدأ علي بشرب الماء بهدوء ، ثم فتح عينيه ، ولوهلة ظن انه قد مات وان الله اكرمه بالجنة ، وان امامه احدى الحور العين ، تسقيه من شراب الجنه .
لكن مهلاً هل ترتدي الحور العين حجاباً يحتاس على الرأس وتخرج من كل جانبٍ فيه خصلاتُ شعرٍ متمردة ؟؟؟
بدأ شيئاً فشيئاً يستعيد وعيه مع رذاذ الماء الذي استمر هذا الملاك برشه على وجهه ، وصوتٌ دافئٌ حنون يخاطب العامل برزانة : لو سمحت نادي الخالة سعدية من القصر .
تحرك العامل وهو قد وقف طوال الوقت فاغراً فاه كمعتوهٍ لا يفقه ولا يحرك ساكناً .
الآن اتضحت له الرؤية ، هذا الملاك الجميل برقة العالم كله هو احدى الخادمات في القصر .
يا ويل قلبي كل هالزين عندنا وانا مادري وش ذي معقول !!!
وبغباء : انت من اي بلد جابوك ، اوكرانية والا روسية ؟؟؟؟
ملاك وبانتقام سكبت كل ما تبقى من الماء على وجهه ، جفل علي وصرخ : ليه تصبين علي المي كذا يا متخلفة .
ملاك وهي تكتم ضحكتها على منظره : ما حد متخلف غيرك ، انا بنت عمك وتقول روسيا وما ادري شو .
هذه المرة فعلاً كاد يغمى عليه ، وبتردد : انتي بنت منال ؟؟؟
ردت عليه بصراخ ولو لم يكن رجلاً لخنقته بيديها : اسمي ملاك يا محترم ، وانا بنت عمك عيب تقولي بنت منال ، لكن الي ما يستحي يفعل ما يشاء.
بلع علي ريقه وباعتذار : اعذريني ، لكن انا ما اعرف ايش اسمك ، وكذا الكل يناديك.
قاطعته باحتقار : طيب قم... قم ، اشوفك زين وما بك خلاف ، روح بدربك واطلع من هني ، ما يصير تظل انا قاعدة بروحي .
قام ونفض ملابسه عن الماء وبدأ يمشي بذهول يخالطه تعب ودوار ، وما ان وصل المخرج ، وقبل ان تغلق الباب خلفه ، التفت ناحيتها وسأل باستغراب : وجهك اتذكره قبل شهور كان غير ، انت مساوية له شي ؟؟؟
نظرت له وباستخفاف : انت يا انك اهبل يا انك اهبل واحد من الثنتين ، اقول امشي بدربك لا تجيك ضربة شمس ثانية تخلص على باقي عقلك قول امين .
بدون وعي اجاب : امين .
وسار في طريقه يتمايل حتى لاقته سعدية واعانته على السير واوصلته القصر ، ليتم اسعافه واحضار طبيبٍ له ، لكن كل اطباء الكون ، لا يمكن ان يعالجوا الصاعقة الربانية التي اصابت قلبه وجعلته لاول مرةٍ يخفق ويخفق بدون توقف .

رحلة عذابي اناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن