لدواعي عشقية... الجزء الثاني من ماضي للكاتبة/ فاطمة علي محمد (مكتملة) .

الفصل الحادي والثلاثون.

الفصل الحادي والثلاثون.
#لدواعي_عشقية
#الجزء_الثاني_من_ماضي
#فاطمة_علي_محمد

انتفض جسدها لتلك السقطة التي جذبتها لأرض الواقع وهي تقبض على طرف رداءها بقوة مرددة بحشرجة وصوت خفيض :
  - التسعة وأربعين يوم دول اللي قضتهم في مستشفى الأمراض النفسية يا "علي".. فاكرهم؟.. تسعة وأربعين يوم كنت جثة بتتنفس  نايمة في سرير في أوضة باردة.. التسعة وأربعين يوم دول عقلي مافصلش لحظة واحدة فيهم.. لحد ماكان هينفجر من كتر التفكير.. الدنيا اسودت في عنيا وكنت هموت نفسي.. لكني فكرت في ربنا ومصيري اللي هرمي نفسي فيه.. تسعة وأربعين يوم مانطقتش بحرف واحد غير يوم ما أخويا قرر إنه يروح له.. تسعة وأربعين يوم قهر وذل ووجع... ليوم ما قررت إني انتقم من كل خسيس يفكر يإذي بنت..  وكل حيوان يفكر يمشي شمال.. كنت بحط المجرم تحت عنيا تسعة وأربعين يوم لحد ما يلف حبل مشنقته حوالين رقبته.. لحد ما أجمع كل الأدلة وأبعتهالكم في ايميلات.. وكلها أوراق رسمية.. وكل من أماكن كتير... دي شغلتي يا"علي".. أنا من أشطر خمسة هاكرز على مستوى العالم.. عمر ما باسورد وقف قدامي، ولا عمر جهاز صعب عليا إني اخترقه.. حتى الحيوان "أحمد أبو الدهب" أنا اللي كنت بحركه  وسايباه يلف الحبل حوالين رقبته، وحتى الحقيرة بتاعته اللي حطت لي كاميرا في أوضتي.. أنا كاشفاها من أول يوم.. ويوم البيوتي سنتر انا هكرت كل كاميراته قبل ما أروح مع الحيوان ده.. أنا كنت مراقبة تليفونه ومرقباه في كل نفس بيتنفسه.. وأنا اللي بعت لك الورق على المديرية.

ليتعالى نحيبها وهي تلكم موضع قلبها بقوة هاتفة :
  - من يوم ما ده رجع للحياة تاني وأنا مش قادرة أرضى بالظلم.. تخيل بعد ماظبطت قضية "شادي" بالميللي وخليته يكتشف حقيقة الزبالة اللي فضلها عليا.. يصعب عليا دلوقتي..  أنا كنت عايزة أذله واكسره بس.. ما كنتش متوقعة إنه يقتلها.. ويوم ماروحت أديله الورق اللي يثبت براءته بعد مازوره حماه.. خفت أذله واكسره وأعرفه إن ابنه مش ابنه.. وإن مراته كانت بتخونه مع الزبالة اللي من نوعيتها... تصدق صعب عليا ومقدرتش اتشفى فيه رغم كسرته قدامي.. هيتعدم ظلم يا "علي".. هيتعدم "ظلم".

تمردت عبرة هاربة من مقلته وهو يزفر زفرة قوية يرفع بها ثُقل كبير عن صدره مرددًا بأسى :
  - كل ده شايلاه وساكته يا "شيماء"... وإحنا اللي كنا مفكرينك تعافيتي ونسيتي.

حركت رأسها بنفي وهي تغمغم بألم شديد :
  - ما نستش.. اللي كنت بعمله ده كان مسكن بالنسبالي.. كان بيبرد ناري .. لحد ما حسيت إني مفرحتش في "شادي".. يمكن لأن ده الوحيد اللي اتظلم فيهم كلهم.. الوحيد اللي كان على حق.. والوحيد اللي نفسي يثبت براءته رغم إنه الوحيد اللي كسرني.

تنهد "علي" ببعض الراحة وهو ينهض من مكانه مستقيمًا بوقفته قبل أن يردد بإبتسامة خفيفة :
  - لأنك إنسانة نقية من جوه، وده اللي تعبك يومها.. بس من النهاردة مفيش تعب تاني والجاي ليكي هيكون أحسن من اللي فات بكتير.

وتنهد بألم وهو يتذكر ملاكه الصغير مغمغمًا:
  - قومي معايا عشان لما "سيلا" ترجع لنا بالسلامة تلاقيكي قوية زي ماسابتك.

رفعت أنظارها نحوه بأسى وهي تحرك رأسها برفق.