رواية "أحيا بنبضها".
"الفصل الرابع عشر".قلبك، أنقى من بساتين الورد.
وصل "يونس" إلى غرفة التي يقطن فيها "جلال" اللعين، لم يدخل فور وصوله، بل ظل واقفًا لعدة لحظاتٍ يحاول أن يتماسك، ويظل هادئًا، فإن خطا إلى الداخل وهو بتلك الحالة، سوف يقتله، حتى يخلص البشرية من أمثالهِ.
ظل واقفًا حتى قرر أخيرًا مواجهته، فـ أشار بيده للحارس بأن يفتح له الباب، فـ أومئ له بإحترام، وثوانٍ.. وكان يدخل "يونس" إلى داخل الغرفة، ليجد "جلال" نائمًا، ويصدر منه شخيرًا جعلت تعبيرات وجهه تمتعض على الفور، تنفس بضيق وهو يتحرك نحو الكومود، ليمسك بالكوب الممتلئ بالماء قبل أن يلقيه ببرودٍ شديد على وجهه، لينتفض الأخير وهو يفتح عينيه بذهولٍ، ليصدح صوت "يونس" القوي وهو يحدجه بإزدراء:
-يا بجاحتك، وليك نفس كمان تنام، قوم يــلا.
نهض "جلال" من على الفراش، وهو يحدجه بذات الذهول قبل أن يهدر:
-إيه ياعم ، في حد يصحي بني آدم بالشكل ده؟!..
رد عليه ساخرًا:
-ده لما تكون بني آدم يا حبيبي، ده إنت بذات هيكون ليك معاملة خاصة مني.
كان يقول آخر كلماته وهو يقوم بثني قميصه عن ذراعيه، وبدأ يدنو نحوه ببطءٍ شرسٍ، ليهدر الأخير بإنفعال بيّن؛ محاولًا إخفاء توترهِ:
-إنتوا فاكرين نفسكم مين؟!.. أنا مش هسكت، وهبلغ البوليس بإللي بيحصل، وإنكم أحتجزتوني بالقوة هنا، وأتدخلتوا بيني وبين مراتي.
ثم تقوس فمه بإبتسامة ساخرة وهو يخبره بشر:
-ولا هي عجباك عشان كدا بتعمل كل ده؟!.. لازم تعرف إن ده لو في دماغك، فـ أنا هخلص عليها وعليك، لأن مش هسمح أن واحدة أتكتبت على إسمي في يوم من أيام، تروح لحد غيري.
قبض "يونس" على تلابيبـه بعنفٍ يجذبه نحوه وهو يهدر بحدة:
-تقتل مين يـلا، إنت مش هتخرج من الأوضة دي إلا لما تطلقهــا.
هدر به "جلال" بعضبية:
-مش هيحصل الكلام ده، إنت بتحلم.
سدد له لكمة في فكه قبل أن يجذبه مرةٍ أخرى من تلابيبه وهو يهدر بصوت جهوري:
-والحلم ده هيبقى حقيقي، وهيتحول لكابوس في حياتك لو مطلقتهاش، وإلا أنا إللي هخلص عليك يا (...)، زي ما خلصت على إبنك.
أهتز بدن جلال بقوة من وقع الجملة عليه، ورغم ذلك هدر بتبجح:
-ده عمره، وهي لو بتسمع الكلام مكنش ده حصل، هي الســبب.
توسعت عينيّ "يونس" بذهول وهو يهدر بصوت صارم.. عنيف:
-عايش عالة عليها، بتصرف عليك وعلى الهباب إللي بتشربه، وعاوزها توافق على إنك تاخد كل فلوسها، مراتك حامل في شهورها الأخيرة، بدل ما تكون جمبها، وتساعدها، وتهون عليها التعب، تقوم بكل جبروت تمسك المكواه وتخبطها في بطنها، إنت جنس ملِتك إيــه؟!..
أنقبض قلب "جلال" بقوة وهو يراه يهدر بكلماته الأخيرة بجنون قبل أن يسدد له لكمة شرسة في أنفه، ولكمة أخرى في فكه، جعلت الدماء تنزل من أنفه ومن بين أسنانه من قوتها، تبعها بلكمات أشد قوة وعنف، أرتجف بدن "جلال" وهو يستمع إلى صوته المهدد المتوعد:
-هادفنك يا (...) ومحدش هيعرفلك طريق جرة، عشان تعرف إنت وقعت مع مين، وأجيب حقك مراتك، إللي إنت دمرتها، وقتلت إبنها بإيديك إللي عاوز قطعهم.
تبعه ركله عنيفة في بطنه جعلته يصرخ متألمًا، وقع "جلال" على الأرض قبل أن يلوح بيده بتعصب قبل أن يهدر:
-أنا مش هسكت، وهبلغ عنكم، هوريهم الإصابات وآآآ...
أستشاطت نظرات "يونس" لسماعه تلك الكلمات، فـ توهجت عيناه بشر مخيف وهو يهدر بقوة صارمة:
-مفيش هنا حكومـة، إنسى إنك تشوف النور والأكل والشرب غير لما تتعدل، وتعترف بكل الـ(...) إللي عملتها، ولازم تعرف إن مفيش قـانون هنـا غير قانون هارون الكـردي.
أنفجر "جلال" غضبًا وهو يهدر:
-يعني إيه؟!..
إبتسم "يونس" بقسوة وهو يهدر بهمسٍ شرس.. خفيض:
-يعني أتشاهد على روحك.
قالها وهو ينقض عليه يركله بعنف مفرط غير مكترث بأنينه ولا صراخه، أفرغ فيه جزءًا صغيرًا من غضبه المستعر، جثى فوقه يكيل له من اللكمات العنيفة ما ضاعف من أوجاعه، تراجع "يونس" للخلف وهو يلهث بإنفعال، قبل أن يتحرك نحو الخـارج حيث إلى حارس الغرفة وهدر به بإنفعال:
-تتحرك من هنا على أوضة 157، وتجبلي رزان حالًا.
-أمرك يا باشا.
وتحرك راكضًا بخطى سريعة حتى ينفذ له أمره، في حين أستدار "يونس" لـ"جلال" الذي كان يصدر منه أنين خافت، ويسعل بعنف، نظر في وجهه المتورم مبتسمًا بإستهزاءٍ، فـ حرك "جلال" رأسه نحو وهو يسأله بنبرة مُهتزة:
-إنت عاوز مني إيه بظبط؟!.. بتعمل فيا كدا ليه لو إنت مش عاوز رزان لنفسك.
رد عليه "يونس" بحدة:
-عشان أجبلها حقها، حقها من واحد (...)، بدل ما يكون سندها بقى مدمرها وقاتل إبنكم، وحقها ده أنا المسئول عنه.
إبتسم "جلال" بإستهزاءٍ رغم ألمه القوي بجسده، وهمس له:
-وعشان النظرة إللي أنا شايفها في عينيك، مش هطلقها، هقهرها، وأعلى ما في خيلك أركبه.
توقع من أن ينفعل، بأن يعود إليه ليستكمل ضرباته ولكماته العنيفة، ولكن وجد إبتسامة واثقة تغزو شفتيه وهو يخبره ببساطة:
-يبقى إنت إللي أخترت، قابل بقى يا معلم.
-مدام رزان يا يونس باشا.
ألتفت "يونس" برأسه نحوها ليجدها تدخل الغرفة وهي تسأله بقلق:
-في إيه يا يونس، أنا قلقـ...
شحب لون وجهها وهي ترى "جلال" أمامها، مجثي على الأرض ينظر لها بنصف عين من بين دمائه التي تغطي وجهه المتآذي بوحشية، فهمست بذهول:
-إنت عملت فيه إيه؟!..
دنى منها "يونس" وهو يخبرها بهدوءٍ عذب:
-شوفي حُكمك إيه عليه، وإللي تحكمي بيه هيتنفذ.
حدجته "رزان" بعينين لامعتين من القلق، فوجه أنظاره نحو "جلال" يحدجه بعينين قاسيتين وهو يقول بصوتٍ قاتم غريب عليه:
-يا إما لو مش قادرة على ده، قوليلي بردو، وهعرف أجبلك حقك بطريقتي.
قال كلماته الأخيرة قبل أن يعود بأنظاره إليها، ليجدها تنظر له بغرابة، وكأنها ولأول مرة ترى ذلك الوجه المتجهم، وعينيـه التي نطقت بالكثير عن ما يحمله لها من مشاعر لا يعرفها ولا يعرف سبب وجودها.
أنت تقرأ
أحيا بنبضها - أميرة مدحت
Lãng mạnلم تكن من النساء الذي يفضلهن، فـ هو لم يكن شغوفًا بجنس النساء أبدًا، ولكن إلتقى بها مصادفة في عرينه فـ لم يدري على أي من الجمر يتقلب حتى وجد نفسه يخرج من غيابة الجُب إلى غياهب الحب، ولكن كيف؟ كيف يستسلم إلى مشاعره وهو أمامها السجان؟ وهي.. إبنة قاتل...