رواية "أحيا بنبضها" -الجزء الثاني-
"الفصل الرابع"وحسبُكِ أنّا، نسير معًا.. إلى الأبد.
هاجمها الدوار بضراوة، فجلست على طرف الفراش تتنفس بعمق، وهي تنظر بعيناها الشاردتان نحو باب الحمام المغلق، مسحت على وجهها بقوةٍ قبل أن تنتبه إلى خروج "يونس" من الداخل، فهبت واقفة لينتابها الدوار مرةٍ أخرى أشد، فعادت تجلس من جديد وهي تشهق بخفة، لم تلمح عينيه التي ضاقت بشكلٍ كبير وهو يدنو نحوها متسائلًا بخشونة:
-مالك؟
رفعت وجهها تنظر إليه قبل أن تسأله متهربة من سؤاله:
-إنت بردو مصمم على إللي في دماغك؟
رد عليها بلهجة قوية حتى يحسم الجدل بينهما:
-رزان، ده قرار ومش راجع فيه، البلد مقلوبة، وهارون ميعرفش بإللي بيجرا، لازم ألحقه قبل ما يضيع، ده صاحبي.
زفرت بحرارة وهي تحتد عليه:
-بس الجرح لسة ملمش، كدا ممكن يبقى في خطر عليك وآآآ...
توقفت الكلمات على طرف لسانها؛ حينما وضع إصبعه على شفتاها يمنعها من مواصلة حديثها، وهو يخبرها بصوتٍ هادئ رزين:
-متخافيش، مش هضر نفسي، على الأقل عشان أعرف أحميكي.
أرتعش جسدها لوهلة من فرطِ المشاعر، أغمضت عينيها تزفر أنفاسها المرتجفة ببطءٍ حينما وجدته يرفع يده يضعها على جبينها و وجنتها، متسائلًا بلهجة تنمّ عن القلق والخشونة في آنٍ واحد:
-إنتي كويسة؟ وشك مصفر، وشكلك مرهق جدًا، إنتي تعبانة؟
ردت عليهِ بصوتٍ مرتجف:
-لألأ، أنا تمام.
زفر بغضبٍ مكبوت قبل أن يهدر بها فجأة:
-بطلي كدب؟ إنتي بتكدبي عليا ولا على نفسك.
رفعت عينيها تنظر إليه بدهشة وهي تسأله بغرابة:
-إنتي بتعلي صوتك عليا ليه يا يونس؟
أجابها هادرًا:
-لأنك بتستعبطي، عشان إيه متهمتيش بنفسك، إنتي مش شايفة روفان عاملة إزاي، وحالتها خطيرة إزاي؟ وآآآ
صمت فجأة وهو يلعن نفسه وإنفعاله، رأى حدقتيها تتسع برعب وهي تدنو نحوه متسائلة:
-مالها روفان يا يونس؟ إنت مش قولتلي إن الطعنة إللي أخدتها مأثرتش على أي عضو في جسمها، وإنها بقت تمام.
يقف الآن أمامها كالطفل المذنب، أشاح وجهه بعيدًا عنها، لتدمع عيناها وهي تسأله:
-روفان مالها؟
وجد لا مفر من إخبارها بكل شيء، لذلك همس لها بصوتٍ جامد كالحجر الصلب:
-روفان بتعاني من سوء تغذية، أنيميا حادة في نقص خلايا الدم، والدكاترة شاكين أن الموضوع أكبر من كدا ومش قادرين يتأكدوا لحد دلوقتي.
ترقرقت الدموع في عينيها، ليشيح وجهه بعيدًا، وقد أعتصر قلبه ألمًا من دموعها، شهقت باكية وهي تضع يدها على قلبها تهمس بصوتٍ مرتفع مرتعب:
-كنت حاسة، والله كنت حاسة، كنت حاسة إنها مش كويسة، إن الموضوع أكبر من طعنة، إزاي تخبي عليا؟ إزاي متسمحليش أبقى جنبها في وقت زي ده، إزاااي؟!!
بكت صارخة بانفعالٍ قد عايشه من قبل، لكنه لم يغضب منها، بل هتف بصوتٍ قوي:
-إنتي مش شايفة حالتك عاملة إزاي؟ كنتِ عوزاني إزاي أقولك؟ وبعدين لازم تتماسكي يا رزان، أوعي تدخليلها بالضعف ده، زي ما هارون محتاجني، هي كمان محتجاكي.
كفكفت دموعها بظهر يدها وهي تخبره بلوم:
-بجد مش مسمحاك، مش مسمحاك يا يونس.
قالتها وهي تغادر من الغرفة، محاولة السيطرة على دموعها، في حين زفر أنفاسه المختنقة قبل أن يسحب سترته من على الفراش ويتحرك مسربعًا نحو الخارج.
*****
أنت تقرأ
أحيا بنبضها - أميرة مدحت
Romanceلم تكن من النساء الذي يفضلهن، فـ هو لم يكن شغوفًا بجنس النساء أبدًا، ولكن إلتقى بها مصادفة في عرينه فـ لم يدري على أي من الجمر يتقلب حتى وجد نفسه يخرج من غيابة الجُب إلى غياهب الحب، ولكن كيف؟ كيف يستسلم إلى مشاعره وهو أمامها السجان؟ وهي.. إبنة قاتل...