رواية "أحيا بنبضها".
"الفصل الثامن والعشرون".وتشابهت أنتِ وقهوتي.. باللذة والمرارة والإدمان.
كانت عيناه متسعتان بذهولٍ حقيقي، وقوة الصدمة قد جمدته في مكانه، وقد سيطر على عقله هاجس موتها كما حدث لوالده تمامًا، فـ ها هو المشهد يعاد بإختلاف التفاصيل والشخصيات ولكن تبقى النتيجة واحدة.
تجمدت أعين "هارون" الدامعة عليها وهو يهمس بنبرة تدمي القلوب والدمع يفيض من عينيه:
-روفان، قومي متسبنيش، روفـان.
كانت عيناي "يونس" قد توسعت برعب، فـ وثب واقفًا وهو يخبره بقوة:
-قوم يا هارون، لازم نوديها المستشفى.
كانت أنفاسه متسارعة وهو ينظر إليها بعدم إستيعاب، ولكن بدأ يسترد بعضًا من تركيزه، وصوت "يونس" الصارخ يخترق عقله وهو يقول بحدة:
-فوق يا هـارون، إحنا بنخسر وقت، روفان عايشـة.
أبعد "هارون" خصلاتها المبعثرة عن وجهها، قبل أن يضع يديها فوق معدتها، ثم حملها بين ذراعيه، إبتلع إختلاجته التي إرتجت لها بدنه، وتجاهل إرتعاشة ساقيه وهو يحملها بين ذراعيه ذابلة، فاقدة للحياة، وعاء مجوف خالي من الروح كحاله تمامًا.
هرع بها إلى الخارج نحو سيارته وخلفه "يونس" ثم تناوب الأثنين في إدخالها برفق، ركب "هارون" بالخلف معها، بينما كان "يونس" يشعل محرك السيارة، وبأقصى سرعة تجاوز الممر لكي يخرج من هنا متجهين نحو مشفى الكردي.
حافظ "هارون" على ضمها إليه، رأسها الذابل كان حوله خصلاتها المبعثرة، فـ أبعدها لتظهر ملامحها المتألمة، ربت على وجنتها ثم همس متوعدًا:
-إطمني، أنا جمبك، وهجيبلك حقك يا روفان.
ضم رأسها إلى صدره وهو يهمس بألم أكبر أن يتحمله:
-أنا آسف، آسف إني ملحقتكيش، آسف إني خذلتك.
إنحنى يقبل جبينها ثم حدق بجفنيها المرتعشين وكأنها تقاوم شيئًا ما أثناء فقدانها الوعي، ليميل إلى أذنها هامسًا بإصرار قوي يحمل عواطفه التي حاربها كثيرًا:
-أقسم برب العزة إني أحول كوابيسك لأحلام مفيهاش غير السعادة وبس.
حاول أن يتنفس بعمق وهو يتابع:
-أحلام مفيهاش غيري أنا.
*****ترجل "فادي" من السيارة، ليركض داخل منزله، الذي ترك بابه مفتوحًا، وهو يصرخ بإسمها:
-روفـااان، روفـااااان.
وما أن دخل حتى رأى بعض من الدماء على الأرض، حينها أحس وكأن قلبه توقف عن النبض، تباطئت خطواته حتى توقف أمام تلك البُركة من الدماء، للتسع عيناه بهلع، وجسده أحس أنه يخور ويفقد قوته، لم يشعر بحياته كلها بمثل ذلك الخواء أو تلك القبضة التي تقبض قلبه فـ تمنعه عن النبض.
بدأ تنفسه يضيق حتى أصبح صدره يعلو ويهبط، وهو يهز رأسه بذهول، أدمعت عيناه قبل أن يتراجع للخلف عدة خطوات، ويركض خارج المنزل، وقد قرر الذهاب إلى مشفى الكردي، حتى يتأكد من تواجدها هناك!
*****-يحيى أتكشف يا باشا.
قالها ذلك الشخص وهو يخفض رأسه، ليبتسم الأخير بهدوء قبل أن يسأله بإهتمام:
-طب هو فين؟
رد عليه بلهجة جادة:
-في المكان إللي أنت حددته له يا باشا.
هز رأسه بالإيجاب، يفكر بهدوء، قبل أن تتسع إبتسامته وهو يقول:
-طب إسمع، خلي رجالتنا ينبهوا عليه أنه ميجبش سيرتنا، ومش بس كدا، ده كمان يحاول يخلص عليها مرة تانية.
صمت قليلًا ليسأله الأخير بإرتباك
-طب ما هو ممكن يرفض، خصوصًا لما عرف دلوقتي أنه أتكشف بسبب نائل.
رد عليها ببساطة:
-لو رفض، تخلي رجالتنا يقوموا معاه بالواجب، وتسلموا بنفسكم لهارون وأنا...
إتسعت إبتسامته بشر دفين وهو يخبره:
-وأنا هبعتله هدية صغيرة، تخليه يعرف مين يحيى التاجي.
*****
أنت تقرأ
أحيا بنبضها - أميرة مدحت
عاطفيةلم تكن من النساء الذي يفضلهن، فـ هو لم يكن شغوفًا بجنس النساء أبدًا، ولكن إلتقى بها مصادفة في عرينه فـ لم يدري على أي من الجمر يتقلب حتى وجد نفسه يخرج من غيابة الجُب إلى غياهب الحب، ولكن كيف؟ كيف يستسلم إلى مشاعره وهو أمامها السجان؟ وهي.. إبنة قاتل...