رواية "أحيا بنبضها" -الجزء الثاني-
"الفصل التاسع"“كن بخيرٍ يا كَماليَ إنني
حسب اتّزانك أستعيدُ اتزاني!"كثيراً ما تكون حقائق هذه الحياة مزيجًا من الدموع والابتسامات، وقد عهدت "روفان" أمام "هارون" وقبلها أمام نفسها، أن تتبدل وتصبح الأفضل، فـ كفى، كفى ضعفًا.
في تلك الليلة المظلمة، مدد "هارون" جسد "روفان" برفق على الفراش، يدثرها جيدًا، قبل أن ينظر إلى وجهها الذابل، ويُقبل جبينها بعمق، ثم جلس جوارها يحتضن جسدها بذراعه، يمسح بيده على خصلات شعرها بحنوٍ ودفئ، زفر بتعب قبل أن يقول شاردًا:
-ربنا يقدرني إني أغيرك للأفضل وللأقوى.
*****صفق الباب خلفه بقوة بعد ظل لساعاتٍ طويلة خارج المنزل، ولج "فادي" إلى الداخل وهو يحدق في كل زاوية بالمنزل، المكان أصبح فارغًا، إلتمعت عيناه بشدة وهو يفكر أنه لم يعد لديه أحد، لم يعد معه سوى حقد وغل "يحيى"، وغدر "روفان" له.
توجه نحو الأريكة يلقي بجسده عليها، وهو يهمس بضياع:
-طب أعمل إيه أنا دلوقتي؟ أعيش أعمل إيه؟ ولمين؟
كان غدر شقيقته له هو ما يؤلمه بشدة، هو من تولى تربيتها، كان هو سندٍ لها، فـ لم تذهب إلى ذلك الشخص اللعين؟ إلى عدوه اللدود، سبب إنتحار والده؟
أدمعت عيناه قبل أن تقسى وهو يقول بصوتٍ بارد:
-أشبعي بيه يا روفان، بس أتمنى مصحاش من النوم على خبر أنه رماكي زي ما عملها نائل.
*****في اليوم التالي، أستيقظت "روفان" من غيبوبتها المؤقتة، لتجد "هارون" يضع عدة أشياء من ملابسها في حقيبة كبيرة، ضيقت حاجبيها بشدة وهي تهمس له:
-أنت بتعمل إيه؟!
رفع وجهه الجامد الذي تبدل بابتسامة صغيرة وهو يخبرها:
-اتعلمي تقولي صباح الخير أولًا.
إبتسمت بحرج وهي تعدل جملتها:
-صباح الخير يا هارون.
رأت نظرة مدهوشةٍ منه ليبتسم وهو يقول:
-أول مرة تنطقي إسمي من غير ما تكوني خايفة أو متعصبة.
ضحكت "روفان" وهي تهمس بخجل:
-ده أنت مركز أوي بقى معايا.
تنهد بحرارة قبل أن يولى لها ظهره وهو يقول:
-ان مكنتش اركز معاكي، فـ أركز مع مين؟ المهم دلوقتي، قومي أجهزي.
تسائلت في حيرة:
-على فين بدري كدا؟
هنا، إلتفت بكامل جسده لها مبتسمًا في ثقة وهو يقول:
-على مكان بدايتك الجديدة.
ضيقت حاجبيها بشدة غير قادرة على سبر أغواره وفهم ما يدور في عقله، ولكن هزت رأسها له بالإيجاب فوجدته يشير بيده إلى فستان باللون الكريمي، مع حذاءٍ له، وبعض الإكسسوارات الرقيقة، وهو يخبرها بصيغة آمرة لكن هادئة:
-ده لبس النهاردة، وتحطي قاعدة في دماغك أن الألوان اللي بتلبسيها واستايلك ده بيعبر عن جزء من شخصيتك، وده أول جزء هتتعلميه.
ثم إبتسم وهو يقول:
-بس طبعًا أنا ماليش في الجزء ده بذات، فهبقى أخدك مرة على أتيلية تنقي كل اللي يتناسب مع الستايل الجديد.
نظرت له بوجهٍ ممتعض وهي تخبره:
-بس مفيش حاجة في القرية إسمها أتيلية.
ضحك وهو يخبرها:
-طب ما أنا عارف، عمومًا متشغليش بالك بالحكاية دي.
لمعت عيناها وهي تتسائل شاردة:
-يعني أنا ممكن شكلي يبقى زي هدى أختك؟
قطب جبينه متفاجئًا من سؤالها الغريب، قبل أن يسألها وهو مبهوت:
-لبس هدى عاجبك؟
ليجدها تضيف بابتسامة صغيرة وهي شاردة تمامًا في نقطة فراغ:
-أصل أستايل لبسها جميل أوي، مزيج بين الرُقي، الهدوء، القوة، حاجات من مفهومة، ورغم كدا محتشم، كنت زمان يشوفها وهي ماشية وأقول بكرا فادي يجيبلي لبس زي كدا، أو أنا أجيبه لما أشتغل.
أدمعت عيناها وهي تضيف:
-بس ملحقتش، فادي كان سافر وسابني مع يحيى، ويحيى جوزني لنائل، ملحقتش.
تجمع وجهه بشكلٍ واضح قبل أن يقول بصوتٍ خرج غريبًا:
-في خلال ربع ساعة الاقيكي جاهزة، هستناكي تحت.
قالها وهو يتحرك بثبات خارج الغرفة مغلقًا الباب من خلفه، لتتوسع عيناها وهي تقول:
-الله يخربيت كدا، إيه اللي أنا قولته ده.
ودت البكاء في تلك اللحظة وهي تهمس بضيق:
-هيقول عليا إيه دلوقتي؟ أكان لازم اتسحب من لساني وأقوله أن نفسي ألبس زي أخته، استغفر الله العظيم يارب، والله لساني ده عاوز قطعه، ربنا يستر بقى.
سحبت نفسًا عميقًا حبسته في صدرها ثم زفرته ببطءٍ قبل أن تهبط من على الفراش إلى الحمّام للأغتسال.
*****
أنت تقرأ
أحيا بنبضها - أميرة مدحت
Romanceلم تكن من النساء الذي يفضلهن، فـ هو لم يكن شغوفًا بجنس النساء أبدًا، ولكن إلتقى بها مصادفة في عرينه فـ لم يدري على أي من الجمر يتقلب حتى وجد نفسه يخرج من غيابة الجُب إلى غياهب الحب، ولكن كيف؟ كيف يستسلم إلى مشاعره وهو أمامها السجان؟ وهي.. إبنة قاتل...