#أحيا_بنبضها.
-إفتتاحيـة تمهيديـة-
في تلك القرية، أشتعلت بالضجيج، والجميع يهرول يمينًا ويسارًا عقب أنتشار الخبر بسرعة البرق، بحثًا عن تلك الفتاة الخائنة، حتى يسلمونها إلى كبيرهم؛ كي ينظف ما أقترفته بالدم، وصوت صراخ رجل يهدر بغضبٍ مشحون:
-هربت، هربت بنت الـ(...) بعملتها، لازم تموت.
رد عليه أحدهم وهو يلتفت حوله بحثًا عنها:
-ماتلقلقش يا نائل، هنجيب حقك.
تسائل الآخر وهو يدنو منهم:
-بس إزاي هربت؟ أكيد في خاين بينا.
رد عليهم "نائل" بجنون:
-لازم نلاقيها، لازم الفرعـون ينفذ القانون وياخدلي حقي، وينفذ القانون بأنها تترجم، أنتوا كلكم شاهدين على خيانتها ليا.
تحدث شخصٍ ما بلهجة قوية وبثقة:
-هيحصل، والموضوع سمع خلاص، اسم مراتك بقى معروف في كل القرى إللي حوالينا، ولو شافوها هيجبوهلنا على هنا، والفرعون وإحنا كمان مش هنسبها إلا وهي ميتــة، فـ إطمن.
أقترب منه شخص بتعبيرات وجه قاسية كالحجر وهو يقول له بثقة:
-شوف يا نائل، هي مش أختي، بس صدقني أنا أول واحد هيخلص عليها.
وفي نفس الوقت، كان هناك تجمع كبير من السيدات، وإحداهن تقول بصدمة:
-معقولة البنت دي تخون جوزها؟؟ معقولة يطلع منها كل ده؟
ردت إحدى السيدات بحزنٍ:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، ده جوزها هيتجنن.
هدرت فتاة بلهجة غاضبة وهي تشير بيدها:
-يا جماعة حرام عليكم معقولة تصدقوا أن "روفان" تعمل كدا في "نائل".
ردت عليها إحداهن بضجر:
-مسكوها متلبسة ياختي، دي ليلتها سودة.
تحدثت إحداهن بإمتعاض:
-مكونتش بحبها البت دي، أكيد مش هيطلع عليها النهار.
سمعت صوت رجل يهدر بأعلى صوت لديه وهو يركض نحو الجميع قائلًا بخوفٍ:
-الفرعـــون وصـــل.
*****
بعدما أستطاعت الهرب بمساعدة من يصدقون براءتها، كانت خطواتها بطيئة شاحبة كشحوب وجهها، لكن نظراتها ليست بريئة كعادتها، قلبها يرتجف بهذا اللحن الأسود الذي يتردد كترنيمة وداع، وقد طغت عليها أحزانها، ذلك السواد الذي يحفر تحت عينيها الحمراوتين، وكأن النوم لا يعرف طريقًا لهما، ألتفتت حولها "روفان" برعب وهي تشعر بأنهم قريبون منها، تسمع صوت صراختهم بأنهم سيعثرون عليها حتى يتم رجمها كالخائنين.
نظرت لثيابها بعيون باكية، قبل أن تبدأ تركض بخطى هزيلة.. ضعيفة، وهي تغمغم برعب:
-مش هتلحقوني، مش هتلحقوني.
وصلت أخيرًا إلى ذلك التل القديم، حيث مكانها المنعزل، بقعتها المميزة التي كانت تشارك فيها أوجاعها وأحزانها، وهي ذات البقعة ستشهد على إنتهاء عمرها القصير.
الخطوة الأخيرة تفصلها عن قمة التل، نظرة أخيرة لقريتها من الأعلى، قبل أن تقول بصوتٍ ضعيف وبتحسرٍ:
-طول عمري بسمع عن الخيانة، لكنهم مقالوليش أن إللي بيدفع تمنها هو الضحية، والتمن بيبقى بالقسوة دي، حياتي هي التمن.
أغلقت عينيها إستسلامًا لنوم عميق تاركة دمعاتها الحارة تتدفق على وجنتها بألم، قبل أن تهمس:
-أهلاً بالموت.
فتحت ذراعيها تحتضن شيئًا لا تعرفه، ولكن قبل أن تنزلق قدماها، صرخة هائلة أطلقتها قبل أن تشعر بتلك القبضة التي تكمم فمها، وذراع قوية تعتقل خصرها لتبعدها عن مرادها بالسقوط، وقعت في أحضان ذلك الغريب بجسدٍ مرتعش ناتجة عن إنخفاض نسبة السكر في جسدها، قبل أن ترفع رأسها تنظر له، لتُصيبها الصاعقة وهي تهمس بجزعٍ:
-الفرعــون!.
نظر لها بعينين جامدتين كملامحه قبل أن يهمس ببرودٍ ثلجي:
-هُششش، موتك مش هيتم بالطريقة دي، هيبقى على إيدينا كلنا.
كانت أصابعه تضغط على مناطق حسية معينة أسفل رأسها وبالقرب من عنقها، فـ أصابها بالدوار الذي أرخى قواها، وأتبعه فقدانها الوعي، ليبتسم تلك الإبتسامة المُظلمة والتي تؤكد ما ستناله على يده.
أنت تقرأ
أحيا بنبضها - أميرة مدحت
عاطفيةلم تكن من النساء الذي يفضلهن، فـ هو لم يكن شغوفًا بجنس النساء أبدًا، ولكن إلتقى بها مصادفة في عرينه فـ لم يدري على أي من الجمر يتقلب حتى وجد نفسه يخرج من غيابة الجُب إلى غياهب الحب، ولكن كيف؟ كيف يستسلم إلى مشاعره وهو أمامها السجان؟ وهي.. إبنة قاتل...