(١٥) هل الفراق كُتب عليهم؟

5K 277 33
                                    

رواية "أحيا بنبضها" –الجزء الثاني-
"الفصل الخامس عشر"

الحب حياة، والحياة قلب، والقلب أنتِ

كانت مفاجأة سارةٍ لها، لقد عاد أخيها بمجرد ما وصل إليه من الأخبار أن يكون أصابها مكروه، فأنتفضت عن جلستها وهي تدور حوةل افراش لتتوجه نحو الخزانة، ولكن "هارون" لم يسمح لها، ودنى نحوها بسرعة الفهد ليعتقل خصرها بذراعه القوي، يجذبها نحوه بشدة، فوضعت يديها الناعمتين تلقائيًا على صدره القوي، وأنفاسه الدافئة تداعب وجهها.
حاولت "روفان" التملص من بين يديه اللتين تعتقلان خصرها بتملك، لتحاول دفعه برقة وهي تخبره:
-هارون سبني عشان ألبس.
قال بتحدي:
-مش هيحصل.
نفخت بضجر وهي تخبره بنعومة:
-يا حبيبي فادي تحت عاوز يطمن عليا، مش هينفع أسيبه كدا، ده جاي خايف من اللي سمعه وأنا اتأخرت عليه.
قالت تلك الكلمات في محاولة يائسة منها من أجل الفكاك منه، ولكن كانت يداه تعبثان بالقميص التي ترتديه وهو يبتسم بخبث رافعًا حاجبه لها بتحدي، لتخبره بيأس:
-سبني يا هارون، ولا انت عاوزني انزل لفادي كدا ؟!
قالتها بضيق حقيقي ولكن وجدت تعبيرات وجهه تتجهم وإبتسامته العابثة قد إختفت وهو يسألها بهمسٍ مخيف:
-عيدي كدا اللي قولتيه.
إبتسمت بتوتر قبل أن تقبل وجنته لتبين ملامحه قليلًا، لكن ظلت عيناه بـ بريقها القاسي، لتقول بابتسامة مرتبكة:
-لا ده أنا بهبل كالعادة، هتاخد على كلام عيلة زيي!؟
زفر بضيق بيّن، وهو يتركها قبل أن يخبرها بتحذير:
-مطوليش معاه وإلا أنا مش المسئول عن إللي هيجرا!!
أقتربت منه مرةٍ أخرى لتقبل وجنته بعمق، قبلة كانت تحتاجها هي أكثر منه، أرتاحت هي وهي تتجه مسرعة نحو الحمام، تغلق الباب خلفها، ولكن بقى "هارون" واقفًا وقد أشتعلت نيران الرغبة بحبها في صدره، رفع كفه يمسح وجهه بقوة وهو يهمس برجاءٍ لطيف:
-قويني يارب.
*****

-ممكن تفهمني مالك؟! أنت وشك مخطوف.
قالتها "رزان" بقلق وهي تنظر إلى وجه "يونس" المائل نحوها، حينما سحب لها المقعد لتجلس عليه، ومن ثم تحرك هو إلى مقعده يجلس بهدوء، يخفي خلفه الكثير والكثير، وجد نفسه يرد عليها بشرود:
-أنا مش مطمن.
قالها "يونس" بلهجة مرتبكة.. خائفة، تخشى الكثير، لتعقد حاجبيها بشدة وهي تسأله بإهتمام أكبر:
-في إيه بظبط؟
لم يعرف كيف يجاوبها، لتفهم صمته بطريقة خاطئة، وتقول بلهجة لطيفة نوعًا ما:
-حبيبي أنت مش بتثق فيا؟ إحنا هنبقى شركا في الحياة، ولازم تتأكد أن أي كلمة بينا هتفضل بينا بردو وآآآ
قاطعها "يونس" بلهجة محتدة وقد تضايق قليلًا:
-أنتي بتهـزري؟ إيه إللي بتقوليه ده؟ إنتي متخيلة أني متكلمتش عشان مش واثق فيكي؟ أنتي لازم تبقي عارفة كويس أني بثق فيكي، وأنك الوحيدة إللي هتبقي عارفة عني كل حاجة.
تنهّد بحرارة وهو يوضح لها سبب صمته المريب:
-أنا بس مش عارف أقول السبب، حاجات قد تبدو غير منطقية، بس هي حقيقة، والله حقيقة.
نظرت له بعينين مذهولتين، لتمسك يده وتخبره بـ بسمتها الجميلة، تبث له الطمأنينة:
-يونـس، أنا رزان! أحكي إللي جواك، سواء منطقية، أو حاجات ملهاش وجود.
بلع ريقه بتوتّر، قبل أن يقول:
-أنا خايف على هارون!
تسائلت في حيرة:
-خايف عليه؟ من إيه؟ وبعدين هو هارون يتخاف عليه؟
إبتسم بتهكم مرير وهو يقول بحدة:
-ده إللي أنتوا شايفينه، إن هارون قوي لدرجة أن محدش يخاف عليه، والحقيقة أن أكتر شخص قوي.. هو إللي عليه الخطر.
أزداد إختناقه وهو يكمل:
-بقالي 3 أيام بحلم بيه، شايفه بيتعذب، شايف هارون بشكل مشفتوش من يوم وفاة أبوه وأمه، مصدوم.. على تايه.
سحب نفسًا عميقًا يحبسه في صدره، وقد لمعت عيناه بخوف شديد، لكن لهجته كانت حاسمة وهو يقول:
-أنا مش هسمح أني أشوف هارون بالحالة دي، مش هسمح أن هارون يقع، أنا آآآ
قاطعته "رزان" وهي تضغط على يده برفق تخبره بصوتٍ قوي:
-يونـس أهدى، هارون بخير، ومع روفي دلوقتي، ومبسوط، ومفيش حاجة هتحصله، أطمن.
هز رأسه بالسلب وهو يقول:
-لأ، أنا لازم أتصرف، لازم أحط حراسة زيادة عليه.
هتفت بحيرة:
-بس هارون، مش بيحب ده، مش بيحب جو المنظرة، وأنه يعمل فيها جامد.
هتف بحزم:
-هحط حراسة عليه وأشدد أكتر من غير ما هو يحس، أنا حاسس بالخطر بيحوم حوالينا.
صمت قليلًا متعمدًا يفكر في حل آخر لتأمين حياة "هارون"، ليقول فجأة:
-ولازم أكلم سليمـان باشا، الراجل ده بيحب هارون، وأكيد هيساعدنا على الصح.
*****

أحيا بنبضها - أميرة مدحتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن