رواية "أحيا بنبضها".
"الفصل الحادي والعشرون".دارت الدنيا حول "رزان" وتشوشت رؤيتها على أثر لكماته لها، لم تكن تعي ما يقوله حتى، كانت تسمع صوته البغيض بعيدًا وهي تعجز عن رؤيته من خلال عينيها اللتين أغشتهما الدموع، أدركت "رزان" في تلك اللحظة وهي تذرف دموع القهر والذل بأن حياتها شارفت على الإنتهاء.. فبعد لحظات سينتزع منها روحها، ويتركها حطامًا، ولكنها سمعت بعد قليل أصوات ضجيج، ثم توالت الأصوات المختلفة.
أنتفض جسد "جلال" فجأة حينما إستمع إلى صوت تحطم باب المنزل، فـ إبتعد عنها بقلق، فـ إنكمشت على نفسها وهي ترتجف بشدة.
أقتحم "يونس" المنزل وهو مشحون بغضب لا حدود له، نازعًا السلاح الناري الخاص به وخلفه العديد من الرجال التابعين للفرعون، أشداء البنية.. ضخام الأجسام، خرج "جلال" من الغرفة بوجهٍ مذهول، شحب وجهه بعدما رأه وبرفقته العديد من الرجال، وقد تأكد من هلاكه.
حرك "يونس" عينيه نحو "جلال" منتويًا الإنتقام منه بأبشع الطرق، صرخ بشراسة وهو يندفع نحوه بجنون، وأنهال عليه بأعنف اللكمات وأشرسها حتى حطم فكه، فـ تناثرت الدماء من بين أسنانه وأنفه، ليأهوه بعنفٍ شديد وألم أشد.
تراجع "يونس" للخلف عدة خطوات قبل أن يشهر سلاحه نحوه ما أن رأه وهو يخبره بعصبية طاحنة:
-حذرتك مرة وأتنين بإنك تبعد عنها، وتتقي شري، لكن بما إن صوتك من دماغك، يبقى تتشاهد على روحك يا (...).
وصوب سلاحه نحو كتفه، لحظة واحدة وكانت إنطلقت رصاصة تعرف طريقها جيدًا، وصرخة ألم أرتفعت بالمكان قبل أن يهدر:
-مش هسيبك، ورحمة الغاليين لأخلص عليك وعليها في وقت واحد.
هتف "يونس" صائحًا بصوتٍ جهوري لرجاله وهو يُشير بيده:
-خدوا الكـلب ده، بس مش على المعتقل، على المخزن المهجور إللي برا القرية.
حرك أحدهم رأسه بالإيجاب قائلًا:
-أمرك يا يونس باشا.
هرول "يونس" في إتجاه الرواق وقلبه يقفز بين ضلوعه فزعًا عليها، حتى وجد باب اللغرفة مواربًا، فدخل على الفور دون أن ينتظر لثانية واحدة، ليتسمر في مكانه وكأن الأرض قد تزلزت من تحت قدميه، تجمدت أعينه عليها وهي بتلك الصورة، حينها شعر بأن قلبه توقف عن النبض، وقد فقد القدرة على التحرك أو النطق.
أرتجف جسده للحظة حينما وجدها ساكنة.. ضعيفة على الفراش، شعر أن روحه تنسحب ببطءٍ وهو يجيل نظره عليها، وقعت عيناه على إسدالٍ ملقي على الأريكة، فجلبه بلهفة وهو يتحرك نحوها، لتهتز مقلتي عيناه وهو يرى جروح وكدمات وجهها، نزع الشريط الاصق من على فمها فشهقت بعنفٍ، أحنى جسده عليها وهو ينظر إلى معالم وجهها التي تاهت من شدة اللكمات، قبل أن يهمس بخوفٍ:
-رزان!..
أستقام واقفًا وهو يحاول إلباسها إسدالها الأزرق القاتم، فـ شهقت بذعر حينما شعرت بلمسات يدٍ غريبة عليها، ووجدت القوة لتصرخ:
-سيبنـي، إبعـد عنـي، سيبنــي حرام عليك، كفاية إللي عملته زمان فيا وفي إبننا.
سمعت صوت مألوفًا يقول لها بدفء:
-ماتخفيش، إنتي رجعتيلي خلاص، وبقيتي معايا محدش هيقدر يقربلك تاني، إطمني.
تنازع قلبها بمشاعر مضادة متناقضة، وما أن قام بإلباسها الإسدال وجعلها ترتدي حجابها، حتى مرر ذراعه حول ظهرها، والآخر أسفل ركبتيها، ليحملها "يونس" بين ذراعيه، فتحت عينيها نصف فتحة لتهمس بإعياء:
-يونــس!!.. إتأخرت.
شعر بالنار تنهش في صدره، ليضمها إلى صدره دون شعور وهو يخبرها بندم:
-حقك عليا، حقك عليا يا أغلى من حياتي.
تشبثت أصابعها به بوهنٍ غريب، ليسحب يونس" نفسًا مرتجفًا وهو يركض بها خارج المنزل، إلى سيارته تحديدًا، محاولًا إيداعها بحدى المشفيات بعد ما وصلت إليه على يد المسمى بزوجها اللعين "جلال".
*****
أنت تقرأ
أحيا بنبضها - أميرة مدحت
Romantizmلم تكن من النساء الذي يفضلهن، فـ هو لم يكن شغوفًا بجنس النساء أبدًا، ولكن إلتقى بها مصادفة في عرينه فـ لم يدري على أي من الجمر يتقلب حتى وجد نفسه يخرج من غيابة الجُب إلى غياهب الحب، ولكن كيف؟ كيف يستسلم إلى مشاعره وهو أمامها السجان؟ وهي.. إبنة قاتل...