رواية "أحيا بنبضها" -الجزء الثاني-
"الفصل السادس"ولو تأتيني هاربة من أذى دنياها، لأصبحت أنا دنياها وما فيها.
كاد أن يصيبها الجنون، وهي تعيد خصلاتها المتناثرة بإغراءٍ إلى الخلف بعنفٍ تكاد أن تقتلعهم، توجهت نحو المرآة تنظر لأنعكاس صورتها بعينين دامعتين وهي تهمس بصوتٍ مرتجف:
-ليه هي؟ مش أنا؟
تأملت جمالها الفاتن القادر على إغواء القديس وهي تتسائل بحرقة:
-ليه يجري عليها هي أول ما تقول آآآه؟ وأنا.. أنا إللي من لحمه ودمه، وفوق ده كله بحبه، ومش عاوز ياخد باله من وجودي.
تسائلت وهي تقبض على وسادتها، وتقطعها بغل وحقد في آنٍ واضح، تفرغ قليلًا ما تشعر به، وهي تصرخ بغضب ناري، في اللحظة التي دخل بها "عزيز" إلى غرفتها مقتحمًا إياها بعدما وصل إليه صوت صراخها، ليدنو نحوها مدهوشًا وهو يسألها بقلق:
-في إيه يا كاميليا؟ إيه إللي بتعمليه ده؟
هدأت قليلًا وهي تجلس على طرف الفراش تنظر له بعينان تنم ظاهريًا عن الجمود، ولكن في الواقع خلفهما غضب يكاد أن يدمر الأرض، تنهد "عزيز" بحرارة قبل أن يقف قبالتها وهو يسألها بريبة:
-أوعي تكوني عملتي إللي في دماغك وروحتلها؟
كانت إجابتها بأنها أشاحت وجهها بعيدًا عنه، فـ قطب جبينه بتوجس وهو يسألها مرةٍ أخرى:
-يعني عملتيها؟
أنفرجت بغضبها المكبوت وهي تهدر:
-وياريته جه بفايدة، مانبنيش مروحاي هناك إلا حرقة دم.
ثم رفعت عينيها إليه وهي تتابع بغل:
-والله العظيم كنت هشدها من شعرها، لكن إللي منعني وجود هارون، روحت أهددها، لقيتها بتهددني بهارون؟
رفع حاجبيه بذهول وهو يسألها محتدًا:
-يعني إيه بتهددك بيه؟
هبت واقفة وهي تجيبه بحرقة:
-يعني لو فكرت أأذيها، هو مش هيسبني، بتتحامى فيه، ومتأكدة اني فعلا مش هعملها حاجة طول ما هارون فيه النفس.
كان يستمع إليها بتركيز إلا أن إلتوى ثغره بإبتسامة جانبية وهو يهمس:
-واضح أن الموضوع أتعقد، وطالمًا مُصر على البنت دي، يبقى ميزعلش بقى من إللي هنعمله.
تسائلت في حيرةٍ:
-هنعمل إيه يا بابي؟ هارون مش طايقني خالص، وأنا عملت كل ما تتخيلوه عشان يبصلي ولو لمرة، لكن مفيش فايدة.
ثم صاحت بجنون:
ده كل ما يشوفني بيستغفر!!
حاول "عزيز" أن يكتم إبتسامته وهو يخبرها بصرامةٍ مصطنعة:
-إنتي عارفة كويس إن هارون يعرف ربنا يا كاميليا، والحل مش في لبسك ولا في المكياج إللي بتقعدي تعمليه ده.
ثم تنهد بضيق وهو يضيف:
-كان نفسي تعرفي توقعي هارون، وتخليه يجي يطلب إيدك مني، بس أعمل إيه بس.
ردت بتذمر:
-وهو أنا قصرت؟! هو إللي مقفل ومش وش نعمة.
إبتسم بسخرية وهو يقول بقوة:
-واحد بيعرف ربنا، وبيحاسب الناس على الزنا وغيره، وبيحب اللبس المحتشم، هيبصلك إزاي بعد عملتك الأخيرة المهببة، ده لازم يهج، إنتي بتتعاملي معاه عكس طباعه.
-أووف بقى.
أشار بيده وهو يخبرها بصرامة:
-إسمعي يا كاميليا، من النهاردة تسمعي كلامي أنا وأمك بس، متمشيش ورا دماغك، لأني متأكد أن دماغك دي هتوديكي في داهية، وهتضيعنا هارون.
ثم نظر في نقطة فراغ أمامه وهو يهمس بضياع:
-يا خوفي يروح يتجوزها.
*****
أنت تقرأ
أحيا بنبضها - أميرة مدحت
Romanceلم تكن من النساء الذي يفضلهن، فـ هو لم يكن شغوفًا بجنس النساء أبدًا، ولكن إلتقى بها مصادفة في عرينه فـ لم يدري على أي من الجمر يتقلب حتى وجد نفسه يخرج من غيابة الجُب إلى غياهب الحب، ولكن كيف؟ كيف يستسلم إلى مشاعره وهو أمامها السجان؟ وهي.. إبنة قاتل...