الفصل الثاني والعشرون

7.2K 359 21
                                    

رواية "أحيا بنبضها".
"الفصل الثاني والعشرون".

أنتظر على أحر من الجمر وضعها بإحدى الغرف العادية، ليلج إليها أخيرًا بقلبٍ مرتجف حزين، أزدرد ريقه وهو يدنو من فراشها ليرى ما طبعه "جلال" اللعين على وجهها من كدمات وجروح، أخفض "يونس" أنظاره ليحدق بذهول في وجهها الشاحب التورم، رجفة قوية أعترت جسده وهو يراها هكذا تشابه الموتى في هدوئها المخيف، جلس على طرف فراشها ممددًا يده ببطءٍ ليتحسس كفها، رأى كدمة وبعض من الخدوش على رسغها، وبـ أنامل مرتعشة تلمسه بحذر فـ أنتفض جسده بقوة كمن لامسه تيار كهربائي شاعرًا بغصة مريرة عالقة في حلقه، حاول أن يتحدث فخرج صوته متقطعًا حزينًا:
-حقك عليا لو أتأخرت عليا، حقك عليا.
ربت على كفها الذي يتلمسه وهو يخبرها بعيون لامعة:
-مكنتش أعرف أنه خرج، مكنتش أعرف حتى أنه لما يخرج هيجري جري عليكي عشان ينتقم مكانك، أنا حاولت، لو بإيدي مفارقكيش لحظة، بس مينفعش.
صمت قليلًا يسحب نفسًا مرتجفًا وهو يخبرها بلهجة حازمة:
-هستني لما تكوني ليا أنا يا رزان، ليا أنا وبـس.
*****

-نويت على إيه يا باشا، هتخلص عليهم إمتى؟!..
تسائل "إسماعيل" المحامي الخاص به وذراعه الأيمن بلهجة مهتمة، ليجيبه الأخير بغموض:
-لأ مش هنعمل حاجة، هنختفي يا إسماعيل.
قطب جبينه بإستغراب وهو يسأله بتعجب:
-إشمعنا؟!..
رد عليه ذلك المجهول بلهجة واثقة للغاية:
-لأن الفرعون خلاص مش هيسكت وهيبدأ الحرب مع روفان وعيلتها عشان يجيب حق أبوه وأمه، وده إللي كنت عاوزه من الأول، كدا اتأكدت أنه مش بيحب روفان.
تنهد "إسماعيل" وهو يسأله:
-أنا شايفك مطمن.
رد عليها بإرتياح شديد:
-جدًا جدًا.
إتسعت إبتسامته وهو يخبره:
-دلوقتي يا إسماعيل مش هنعمل حاجة غير أننا هنتفرج، وهنشوف هارون إزاي هيخلص على العيلة دي.
*****

بين خيوط الظلام التي تحيط بعقلها، شعرت بالذراعين تشتدان من حولها ومن تحت ركبتيها حتى شعرت بالآلم في أضلعها، ورغم ذلك كان قلبها مطمئنًا، فـ عادت إلى عمق الظلام.
ضمها "هارون" بقوة إلى صدره وهو يحدق في وجهها بخوفٍ، زادت مخاوله بشكلٍ كبير حينما لاحظ ذلك الشحوب، فـ همس بقلق:
-روفان، روفان فوقـي.
ضيق عينيه بحدة وهو يوجه أنظاره القاسية في إتجاه عمهِ "عزيز" الذي وقف باردًا برودٍ قاتل مثير للأستفزاز، ليهدر به بعصبية:
-أقسم بالله ما هسكت على كل حرف قولته ليها، مش هسكت أبدًا إنك وصلتها للحالة دي، إنت كدا بتعلن الحرب ضدي يا عمـي، وهحاسبـك.
وركض بها نحو سيارته، فتح الباب بصعبوبة قبل أن يدخلها ويجلسها على المقعد بحذر شديد، وقد سحب حزام الأمان عليها، وأنطلق راكضًا إلى الباب الآخر وأستقل بمقعد القيادة، قبل أن ينطلق بسيارته بسرعةٍ كبيرة تاركًا خلفه آثار من الأتربة، وعمهِ "عزيز" الذي ظل واقفًا يتابعه بعينين باردتين ولكن خلفها شر دفين، وقد حسم أمره بنزول إبنته الغالية في وقتٍ قريب حتى يزوجها من إبن أخيـه، فـ "هارون" سيظل في دائرة الخطر إن ظل بجوار تلك الفتاة اللعينة.
*****

أحيا بنبضها - أميرة مدحتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن