رواية "أحيا بنبضها".
"الفصل السابع والعشرون".نحن لم ننتهي بل فرطوا بنا.
جلست "روفان" على حافة السرير الأبيض، وساقيها متقاطعتين تتأرجحان على بعد سنتيمترات من الأرض، بينما كان هو يقف على بُعد، مستندًا إلى جدار الغرفة الأبيض، مكتفًا ذراعيه وهو يتأملها بصمت، رفعت رأسها تنظر إليه، ليبتسم قليلًا، إبتسامة مهتزة صغيرة، لكن الإبتسامة أختفت سريعًا وهو يستدير بعيدًا عنها، غير قادر على مواجهة عينيها القلقتين، تصلب جسده حينما إستمع إلى صوتها الخافت:
-أنا لغاية دلوقتي مش فاهمة أنا هنا ليه؟
عاد يستدير إليها، متمهلًا في رده، ليقول بهدوء:
-إحنا هنا عشان تعملي الفحوص والتحاليل، ونعرف فيكي إيه بالظبط؟
ردت بغيظ مكتوم:
-نفسي أعرف لإمتى هتبطل تحكماتك دي.
رد "هارون" بجدية تامة:
-دي مش تحكمات، أنتي حالتك مش طبيعية يا روفان، لازم نطمن.
لم يستطع إخبارها بأن حينما فحصها الطبيب مبدائيًا ليخرج إليه قائلًا بهدوء غير مبتسم، إنه غير مطمئن لحالتها الجسمانية، وإنه لن يتأكد قبل أن يجرى لها فحوصًا وتحاليل كاملة، لم يستطع أن يفعل شيء سوى الموافقة، وقلبه ينبض بخوفٍ مؤلم، حقًا.. إن تلك الفتاة تسبب له مشاعر غريبة في أي شيء يتعلق بها.
رفعت يدها وهي تحك جبهتها بعد أن أخفضت رأسها، وهي تهمس بضيق:
-أنا عاوزة أمشي من هنا، وبعدين أنا كويسة، مفيش داعي لكل ده.
رفع حاجباه قبل أن يهدر بها بخفوت خطير:
-أسكتي يا روفان، متخلنيش أقلب عليكي، قال كويسة قال.
كان القلق خليله، والخوف بنهش بـ قلبه، حاول أن يهدئ إلا أن صوت نحنحة من عند الباب، جعله يرفع رأسه ليجد أنها الممرضة، تبتسم بهدوء وهي تقول:
-يالا حضرتك، إن كنتي جاهزة؟
إبتلعت "روفان" ريقها وهي تومئ رأسها بهدوء، ونزلت من على الفراش، لتترنح قليلًا، إلا أن ذراعًا قوية أسندتها وهو صوته الذي يعلو رأسها وصلها خافتًا قلقًا:
-أنتي كويسة؟
أومأت برأسها وهي تشعر بقوة كفه تحتضن كفها بقوة وكأنه لا يرغب في تركها، لتهمس بخفوت:
-أنا تمام.
لم تسمع منه الرد للحظات ثم ترك يدها أخيرًا ليقول بهدوء:
-ماتقلقيش من أي حاجة، أنا هفضل هنا، وهستناكي.
أسندتها الممرضة، وخرجت بها من الغرفة، وهو ظل واقفًا وبداخله رغبة ملحة لأن يضمها إليه، جلس على حافة الفراش، منتظرًا.. مدققًا بنفسه قبل أن يكون مدققًا في الوقت الذي يمر، لقد حسم الأمر، وأعلن صك ملكيته على تلك الفتاة، إنها ستكون له، وإن كان سيحارب لجلب حق والديه، فإنه من الآن سيستعد لحرب طويلة مع الجميع لتكون "روفان التاجي" له.
*****كان "يحيى" يجلس على الأريكة، وبيده كوبًا من الشاي، بعدما غادر "فادي" من أجل شيء هام، وهو جالس بتلك الطريقة، وجد رنين هاتفه يرتفع فجأة، لينتفض من جلسته، وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله، بعدما وضع الكوب الشاي على الطاولة الصغيرة، نظر إلى رقم المتصل لفترة قصيرة قبل أن يُجيبه بلهجة جادة:
-خير؟
صمت الطرف الآخر قليلًا قبل أن يقول ببرودٍ قاسٍ:
-الليلة.
وقع قلبه بين قدميه وهو يسأله بعدم إستيعاب:
-أفندم!
رد بهدوء:
-الليلة تنفذ، وإلا فيديوهاتك هتوصل لهارون، ونخلص منك أنت، سلام.
وأنهى المكالمة دون أن ينتظر الرد منه، ليرتجف قلبه وهو ينظر أمامه بقلق، تسائل بلهجة يملؤها التشتت:
-هعمل إيه دلوقتي؟ هعمل إيه؟!..
حاول أن يسحب نفسٍ عميق ويحبسه في صدره لفترة طويلة قبل أن يقول بشر دفين وعيناه تلتمعان بقساوة مخيفة:
-لازم أنفذ، كفاية عليها أوي كدا، هي عاشت بما فيه الكفاية.
*****
أنت تقرأ
أحيا بنبضها - أميرة مدحت
Romanceلم تكن من النساء الذي يفضلهن، فـ هو لم يكن شغوفًا بجنس النساء أبدًا، ولكن إلتقى بها مصادفة في عرينه فـ لم يدري على أي من الجمر يتقلب حتى وجد نفسه يخرج من غيابة الجُب إلى غياهب الحب، ولكن كيف؟ كيف يستسلم إلى مشاعره وهو أمامها السجان؟ وهي.. إبنة قاتل...