رواية "أحيا بنبضها" -الجزء الثاني-
"الفصل الثالث"والله إن الشوق فاق تحملي
يا شوق رفقًا بالفؤاد ألا تعي؟كانت تسير ذهابًا وإيابًا بوجهٍ غاضب، مشدود، مرتعب، وهو يحدق بها بعينين جامدتين متسليًا بشكلها الغريب، إلتفتت برأسها نحوه على بغتةٍ لترى بروده المثير للإستفزاز، فـ هدرت به بعصبية:
-إزاي تعمل كدا يا يونـس، إزاي تسمحله ياخدها؟
رد عليها بصوتٍ واثق:
-لأن مفيش حد هيحميها غيره.
ردت عليه بعنفٍ ضاري:
-ليه؟ بصفته إيه هيحميها؟ هيحميها من أخواتها؟
رد عليها بلهجة قوية رغم الوهن الذي يعتري تعبيرات وجهه:
-من أخواتها، ومن عزيز، ومن نفسها، وقبل كل ده من نفسه.
كانت تنظر له بإستنكار، ليزفر أنفاسه الحارة قبل أن يخبرها:
-أنا عمري ما شوفت هارون كدا، بس كل إللي أقدر أقوله، إنه دلوقتي معندوش أهم من روفان.
سألته بغضب جامح:
-ده على أي أساس؟
صمت قليلًا مترددًا أن يسرد لها، ولكن وجد نفسه يخبرها بإستسلام:
-هارون يعرف روفان من قبل ما تقع بين إيديه بقضيتها، كانت نار الإنتقام مشعللة في قلبه، وفكر ياخده منها، لكن كلام أبوه إللي أتربى عليه منعه.
أدمعت عيناها خوفًا على رفيقتها وهي تسأله:
-وإنت فكرك أنه مش ممكن ياخد إنتقامه منها دلوقتي.
رد عليها بثقة قوية:
-يستحيل، لو كان عاوز كدا يا رزان، على الأقل كان نفذ القانون من غير ما يدور على الحقيقة، كان ممكن يكتفي بشهادة الشهود، أو كان ممكن حتى لو عرف الحقيقة، يعمل نفسه من بنها وينفذ القانون ويقتلها.
أغمضت عينيها الدامعتين وهي تشهق باكية من الرعب الذي يتخلل قلبها، فـ نظر لها بوجهٍ واجم قبل أن يحاول أن يعتدل في جلسته ويخبرها محتدًا:
-مش بحب أشوف دموعك يا رزان.
لم تجيبه، بل ذرفت دموعها أكثر وهي تخفض رأسها، ليخبرها:
-صدقيني، روفان هتبقى كويسة، مفيش حد هيحميها أد هارون.
سألته بلهجة محتدة:
-وهارون ياخدها على القاهرة ليه؟ هو يعرف إيه في القاهرة؟
رفع حاجبه الأيسر وهو يجيبها ساخرًا:
-إنتي ناسية شركة أبوه في القاهرة؟! وناسية إن كل فترة هارون بيروح القاهرة؟ يعني هارون له معارف هناك.
مسحت على وجهها بعنف وهي تقول له بصوتٍ قوي:
-مهما كان يا يونس، مكنش ينفع ياخدها، مش عشان هو حاكم القرية يا يونس يبقى فاكر أن كل حاجة بين إيديه، الدنيا هتقوم عليه، والناس هنا مش هتسكت، وبذات فادي.
عقد حاجبيه بشدة، لتؤكد له بقلق:
-فادي مجنون بأخته، فمش هيهداله بال إلا لما يقوم الدنيا على هارون، والتار إللي بينه وبين هارون هيرجع، وهيخلي الناس تقوم عليه، لأنهم هيفتكروا أنه خطفها بعد ما الإنتقام عمى قلبه وعينيه، ومش بعيد فادي ميسكتش إلا لما يخلي أهل القرية يمشوه.
تجهمت تعبيرات وجه "يونس" بشكلٍ ملحوظ، فكيف لم يفكر بتلك النقطة تحديدًا، كلماتها أصابت الهدف لديه، فسرعان ما سحب هاتفه، وعبث في قليلًا محاولًا الوصول إليه، ولكن كان الهاتف مغلقًا أو غير متاح، فـ زأر بعصبية مفاجئة:
-ود وقتــه.
تململت بقلق وهي ترى عصبيته التي أصعقتها، فهتفت به بحدة:
-يونس متتعصبش، الجرح بتاعك لسة ملمش، وإنت محتاج الراحة.
أجابتها بوجهٍ ممتقع التعبيرات:
-وبعد كلامك ده هحس بالراحة؟
أشاحت وجهها بعيدًا عنه بحرج، ولكن هي أعتادت أن تقول الحق، وتحسب جميع الحسابات بالورقة والقلم، وحينما حاولت النظر إليه من طرف عينها وجدته يهمس بضع كلمات غير مفهومة، ولكن الكلمة الوحيدة التي كانت واضحة لها كوضوح الشمس:
-ربنا يستر، شكلها كدا القيامة هتقوم.
*****
أنت تقرأ
أحيا بنبضها - أميرة مدحت
Romansaلم تكن من النساء الذي يفضلهن، فـ هو لم يكن شغوفًا بجنس النساء أبدًا، ولكن إلتقى بها مصادفة في عرينه فـ لم يدري على أي من الجمر يتقلب حتى وجد نفسه يخرج من غيابة الجُب إلى غياهب الحب، ولكن كيف؟ كيف يستسلم إلى مشاعره وهو أمامها السجان؟ وهي.. إبنة قاتل...