(١٣) بين أحضان العدو

5.7K 301 23
                                    

رواية "أحيا بنبضها" -الجزء الثاني-
"الفصل الثالث عشر"

حبيبتي أنتِ
أنتِ فقط
أنتِ السبب أنني أشعر بالحياة

أمتدت خيمة السكون بينما طوال الطريق إلى القصر، وعيناه شاردتان في نقطة فراغ ما، ولكنهما قاسيتان قسوة مخيفة يخبئ خلفهما خوفه من القادم، لا يخشى على أي شيء سواها، كان يقبض على كفها الناعم ولكن حينما إزداد عمق تفكيره وشروده في آنٍ واحد، وجد نفسه يضغط على كفها بقوة، جعلت تغمض عيناها وهي تحاول أن تكتم الألم الذي شعرت به للتو، ليعود إلى وعيه ويبعد يده سريعًا وهو يسألها بقلق:
-أذيتك؟
نظرت له بعطف وهي تبتسم له بحنو قبل أن تجيبه:
-هارون أنت مش بتعرف تأذي، أنا بخير، المهم أنت.
قبض على كف يدها يتحسسه بإهتمام، فتنفس بإرتياح وهو يعود بأنظاره في نقطة فراغ، قبل أن يخبرها بصوته المختنق:
-النهاردة كان ممكن أخسرك، لولا المكالمة إللي جتلنا قبل السفر.
تنهدت بحرارة، فهو على حق في خوفه، ولكنها وجدت نفسها تقول بثقة:
-بس ده يرجعنا للنقطة البداية، بأن الشخص إللي كلمنا ده فعلًا ناوي يساعدنا، بس مستني الفرصة المناسبة إللي يظهر فيها وبذات بعد ما نكشف الحقيقة سوا.
أومئ رأسه بالإيجاب ببطءٍ قبل أن يقول بجدية:
-إللي بيحصل ده يا روفان لازم يفضل بينا، وإحنا هنشوف آخرة الشخص إللي عاوزنا نوصل للحقيقة.
تسائلت في قلق:
-طب وبالنسبة للطرف الأول من الخيط، هنعمل فيه إيه؟
صمت قليلًا قبل أن يقول بهدوءٍ جاد:
-نرتاح النهاردة، وبكرا الصبح بإذن الله، نروح على المعتقل والسجن، وندور على الحقيقة، وندور على أي شخص حضر التوقيت إللي كان فيه أبوكي في السجن.
قال أواخر كلماته بحنق، وهو يشيح وجهه بعيدًا عنه، يشعر بأنه يخون والده، حاول أن يتمالك نفسه تحت أنظارها المتضايقة، ليهمس بين خلجات نفسه:
-سامحني، بس أنا عاوز أتأكد، مش عاوز أخد بتارك وأنا ظالم حد يا أبويا.
سحب نفسًا عميقًا وحبسه في صدره لفترة قليلة جدًا ثم زفره ببطءٍ، ليجد "روفان" تقبض على كفه تضمه بيدها الصغيرة، رغم عيناها الجامدتان التي تنظران نحو النافذة، إبتسم وهو يستقبل يدها بترحيب حار ويضمه بقوة وكأنها قوته المسلوبة.
إنهما يحاولان أن يتخطان الدماء التي بينهما، مشاعرهما المتأججة بغضب وإنتقام، ولكن يحاولان أن يتمالكا ذاتهما إلى أن يصل كل منهم إلى الحقيقة، وتكون مثبتة أمام أعينهما.
قال "هارون" فجأةٍ وهو ينظر لها بجدية:
-أنتي عارفة مين إللي ممكن يساعدنا على أننا نعرف الماضي أكتر، ونوصل الحقيقة؟
أعتدلت في جلستها وهي تنظر له بتركزي متسائلة في حيرة:
-مين.
صمت بتعمد قبل أن يتنهد وهو يخبرها بصوتٍ جاد للغاية وعيناه تبرقان بأمل:
-ده كان صاحب أبويا وأبوكي في يوم من الأيام، مش عارفة هتفتكريه ولا لأ.
نظرت له بعجز وهي تحاول أن تتذكره، لتجد "هارون" ينظر بعيدًا جدًا وهو ينطق إسمه بشرود:
-سليمـان باشـا.
*****

وتسألني دائمًا بإستغراب
أنني لمَ أغار عليها لتلك الدرجة؟
لا تعلم أن الأمر وصل بي
أني أغار عليها من لهفتي، ومن خفقات قلبي.
*****

أحيا بنبضها - أميرة مدحتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن