قَـوسُ قُــزَحٍ أســود

صِـفـرٌ أَخْـطـو عَـلَـيـه

كان من المُشمئز أن أطلبه بالرحيل والبقاء في آنٍ واحد!
هذا ما حصل حيث في يوم خروجي من المصحة لإكتمال علامات الشفاء بي -والخافي أعظم من البادي- لزوم حضور جينو لتوقيع أوراق تسريحي من هذا المكان .. وهكذا برمشة عين خُطتي بالهروب منه في هذه البلدة حيث لا هاتف يترقبني من خلاله بائت ما يُشبه المهزلة الفكرية!

فأنا خرجت بعد ببضعة أيام من يوم نظرته القاسية تلك ، هو أحضر من أجلي حقيبة لأجمع مُقتنياتي بها كما أحضر لي ملابس مُناسبة للخروج عِوضاً عن زي المصحة الرسمي..
كانت حركة ذكية منه فأنا بنفسي لم أكن مُفكرة بهذا الشأن..

وقع الأوراق وانتظرني قليلاً حتى خرجت له ، لم أفهم طبيعة النظرة التي تحملها عيناه ما إن رأني ، يبدو وكأنه واقع بحيرة بين الفرح أو الحزن.. لا أفهم السبب وأيضاً لا أفهم لما أنا الآن مُهتمة بفهم طبيعة نظرته هذه!

"أهُناك ما يُحزنك؟" سألته مع تقدمي منه حيث لم أستطع كتمان فضولي ، رسم ابتسامة بالكاد تُرى على شفتيه ثم حرك رأسه نافياً ثم قال مع وقوفي أمامه "حمداً لله على سلامتك" أومأت له دون كلام وتناوشنا أمام الباب حول حمله لحقيبتي ورفضي لذلك.. بالنهاية سحبها من يدي "شكراً لكل ما فعلته من اجلي لكن..." تقافزت أكتافي من صراخه "لكن ... لكن... لكن...!!!"

صُدمت من ردّة فعله العصبية وعلو صوته .. أخفيت حُرقتي وبأنيابي ضغطت على جانب شفتي السُفلية انتظره لِيُنهي إفراغ غضبه لأُغادره حتى لو بقيت مُقتنياتي معه "أكره هذه الكلمة غيم ، تجعلني أوقن بأن لُطف حديثك قبلها وامتنانك مُجرد غطاء تُخفي أسفله ما لا أرغب بسماعه .. لذلك لا تقوليها." رفع سبابته أمامي مُحذراً ومهدداً ولم يتوقف هنا وقد اكمل بذات حنقه  "ترين بأنني لست على ما يرام ومع ذلك تستمرين بالضغط عليّ بطريقة أرغب بها بتحطيم رأسك العنيد هذا ، لم يقف معك سواي لما تدفعيني بعيداً .. تستغلين مشاعر الغير لمصلحتك ثم تركليهم جانباً .. أهذا هو التغير الذي أردتيه! أن تصبحي أشد أنانية من قبل! لا تجعليني أنظر لك على أن ما حدث معك تستحقيه!!!"