الساعة التاسعة مساءاً أولجت لقاعة الحفل وهي ذاتها بهو مبنى سينيفو الثاني ، مُتأخرة عنها نصف ساعة تقريباً.. لم تكن لدي النية بالذهاب رغم إختفاء جميع الجروح والكدمات.. آتى جينو لمنزلي حين أخبرته بذلك ، فصحيح.. لقد انتقلت من منزله في اليوم الموالي من ذهابي لقبر والداي .. كانت تلك نقطة ألم تحتاج إلى ألمٍ أشد منها لِأستوعب!قرأت مرة من إحدى الكتب بما معنى 'أن الجهاز العصبي لديه حد للتحمل وعندما يتخطى هذا الحد فإنه يتعامل مع الأمر بما هو أقرب للامبالاة فيغدو يتعامل مع هذا الحدث الجلل بطريقة فاترة باردة.. كأنه لا شيء في حين أنه كُل شيء!' وهذا ما حدث تلك الليلة التي إضطررت بها في الذهاب لِأضرحة والداي عوضاً عن العودة لمنزل جينو ورؤية جيفري بعدما حدث في الشركة.
تلك الثواني التي مرّت في طريقي لهم كانت ثقيلة وكأن الوقت يدفعني للخلف ، يُلهمني بأن لا أذهب جاهلة ما نوع الذكريات التي ستعود مع ذلك ، لكنني اشتقت لوالداي .. اشتقت لمُحادثتهم للمس أيديهم والنوم في حجرهم رغم أني لن أنال مرادي هذا ويكفي قدرتي على التحدث بشفافية مُطلقة معهم لذا أكملت رغم لهاث أنفاسي اللامفهوم ، خطواتي نحوهم أصابتني بدوار جاهلة ثم اقتربت جلياً منهم وهُنا بدأت أشعر بغرابة ماضيّ ، رأيت رجلاً يجري بزغته من ذاكرتي وسلاحاً بيده ، إلتففت يميناً وهُناك كان أبي على كرسيه المُتحرك والدماء تفور من رأسه ومع رؤية تلك الدماء أنزلت نظري ليداي .. نُسخ الماضي بعيناي ورأيتهم كذلك الأمر .. داميتان وبيدي أقبض على سكيناً ثم علمت بأنني قاتلة حقاً ، وجميع كوابيسي كانت تأتي من حقيقة بحتة.
لم أبكي ولم أنهار رغم قساوة الموقف والذكرى .. خفّ ألم استعادتها ثم.. إستدرت عن من أتيت لزيارتهما وعُدت أدراجي دون إلقاء تحية واحدة عليهم ، طريقي أخذني لوجهة أُخرى وقد كانت هذه الوجهة هي مدينة الألعاب!
لهوت بجميع الألعاب ، لوحدي .. وقبل أي شيء أغلقت هاتفي كي لا يُفسد أياً من كان وقتي ، ومع أغلاق مدينة الألعاب أنا خرجت منها.. لم أعود لمنزل جينو بل ذهبت لمنزلي ، فجينو أعلمني بالرقم السري الخاص بالباب ، لم يكن بها أثاثٌ كامل بعد .. توجهت لغرفة والداي والتي لم يعد لهم بها أثراً بتاتاً .. استلقيت أرضاً في البقعة التي كان بها السرير سابقاً بذات الموقع الذي نمت به يوماً بجانب والدي ، على جانبي الأيمن مستلقية وغفوت.
أنت تقرأ
قَـوسُ قُــزَحٍ أســود
Roman d'amour☁︎︎الجزء الثاني من رواية نَـحْـيـب☁︎︎ في حين هي لا زالت تحارب ماضٍ مرير ، هو راهن عليها بحياته. - غيم ، سأكون أنا وأنتِ من أجلك.