في منزل كبير بحديقة شاسعة ، كانت أصوات الضحكات هي كل ما يصدر عن ذلك المنزل..
وضعت الأم كعكة كبيرة يتوسطها أربع شمعات بعدد أعوام صغيرها علي الطاولة ، ثم تقدم الأب لحمل صغيره ليقف علي المقعد حتي يتسني له رؤية الكعكة ، ليتعالي بعد ذلك اصواتهم تغني أغنية عيد الميلاد...بعدما أطفء الصغير الشموع قبل والده وجنته الصغيرة المنتفخة ثم أشار لموضع هدية مزينة بشريط أحمر اللون لتتسع عين الطفل بسعادة ثم ركض نحو تلك الهدية يضمها إليه بينما صرخاته السعيدة تملء أرجاء المنزل بالبهجة والسرور..
خرج ذلك طفل ذو الأربع سنوات يقود تلك الدراجة الصغيرة التي أهداها له والده بينما يبتسم ويتغني بكل حماس..
لكن تلك السعادة لم تدم طويلاً..
فجأة حدث إنفجار دوي صوته أرجاء المدينة كلها ، تلاه إحتراق ذلك المنزل الدافئ والذي تبين أن الناجي الوحيد منه هو ذلك الطفل الصغير..إنتفض فزعًا من منامه بينما العرق يتصبب منه بغزارة كأنه في سباق ، تلفت حوله برعب يعتصر موضع قلبه ، تلك الذكريات السيئة ما تنفك تؤرقه..
نهض ذلك الرجل بتثاقل ليري من الذي يكاد يحطم باب شقته من شدة الطرق..
"حاضر جاي اهو ، هو انا نايم ورا الباب!"
ما إن فتح الباب حتي تلاقت عيناه بذلك الوجه الذي يعلمه ظهرًا عن قلب ، فقد تمت تربيتهما معًا حتي أصبحا أكثر من أخوه.
"هو انت! ، ايه يا ادهم انت مش معاك مفتاح عاملي إزعاج من الصبح كده ليه!"
رمش "ادهم"بجدية مصطنعة ثم أردف.
"البيت له حرمته يابني افرض كانت مراتك نايمة ولا قاعدة براحتها مينفعش ادخل كده"
نظر له "عمر"ببلاهه ثم قال بدون فهم.
"مراتي! ، بس انا مش متجوز اصلا"
"مستقبلاً يعني يا عم ما انا بتعود من الوقتي"
زفر "عمر" بقلة حيلة ثم قال.
"أدخل قبل ما تشلني في عز شبابي ، كنت جاي ليه"
أفسح له "عمر"المجال ليدخل ثم أغلق الباب وذهب للجلوس أمامه في غرفة المعيشة ، ليجيب "ادهم" علي سؤاله بنبرة أثارت حنق الأخر.
"برن عليك من الساعة اربعة الفجر مبتردش قولت أجيلك"
"ايه ياض البجاحة اللي انت فيها دي! ، بترن عليا الفجر ليه ها"
ضغط "عمر" علي أسنانه في أخر حديثه يحاول تمالك أعصابه فتحدث الأخر ببرود يناسب شخصيته.
"أنت ناسي أن عندك مقابلة الشغل النهاردة ، قوم أجهز يلا واحمد بيجيب فطار وجاي"
أتسعت عين الأخر بدهشة ثم أردف بينما يطالع ساعته بصدمة من أن يكون قد تأخر.