"الفصل التاسع والعشرون"❤

342 7 0
                                    

"الفصل التاسع والعشرون"

" أغداً ألقاك...؟ "

ذات ليلة أرسلتُ لإحدى صديقاتي المقربات بغتة أغنية لـ"كوكب الشرق" ، وعمّ الصمتُ بعد ذلك لدقائق وتبعتها ساعة تلو الأخرى حتى تركتُ الهاتف بعيد عن رؤياي ، وفي الصباح أجابت بعدما تآكل الشغف تجاه الرد
_ يارفيقة الدرب ، و وَنساً للعمرِ ! تعلمين بأنني قد أُجيبُ قبل المُراسلة حقاً ولكن تعمدتُ هذه المرة إطالة الوقت ، إنتظرتِ لدقائق و واللهِ قد وصل بكِ الحال لساعاتٍ بالفعل ، قد سمِعت بُكاء قلبُكِ وآنينه بين تِلك الكلمات و شتات روحك التائهة التي تبحثُ عن ساكنها ، ها أنا قد أجبتُ بعد غيابٍ لم يُلاحظ لمدة من الساعاتِ التي وضعتِ ليِ بها عُذراً للإنشغال بشيءٍ ما ، والتي قضيتُ أنا بها أفكر كيف لشخصٍ أن يقضي شهور وسنين غائباً وغارقاً بين الأخريات ؟!
عُذرا ! فـلعل علقم كلماتي يُزيد من مرارة حقيقة غيابه الوخيم على قلبكِ ولكن ولابُد من وضع نهاية لهذه الآلام المتزايدة بداخل روحك التي سبّبها رجُل ضائعاً وسط نزواته..
أما بعد المواساة التي لا جدوى منها ، والكلمات التي لا تُطيب إنشاً واحداً من الجروح..
فلا غد ولا بعده سيأتي بهِ ، فقد رحل تاركاً ذِكرى لا تُمحى عمداً بحياتكِ ، ظناً أنها أثر دائم بمثابةِ داء لا يُمكن الشفاء منه وبالفعل قد صدق ، ماترك إلا كل جميل حتى يَصعُب نِسيانه ....إطوِ ورقته المليئة بذِكراه الجميلة والغير أيضاً.
فهُنا تمكُث فتاة جِوارك للأبد ، تُعينك على محوِ أثره بالكامل وكأن ما من رُجل خَطى بنسيمهِ على فؤادٍ هاش ويَخشى الفُراق من أحبتهِ ، فخذله بالهجرِ منه. رجُل خطى بنسيمهِ على درب أنثى شّوبه غُبار الحياة الخالية من كل معاني الحُب .. فنبتت أزهاره بأرضٍ بور برحيقه وماء كَلماتهِ الليّنة....تفتحت الأزهار واحدة تلو الأخرى فكان أول القاطفين لها لإهداءها لأخرى غيرك ...

تركتُ هاتفي ، صدحت كلماتها بعقلي تُردد لمراتٍ عِدة كعادة كل مرة ألجأ إليها بالحديث وتحاول تهدئة الضجيج بداخلي ، وإيجاد حل لهذا الصراع الدائم منذ هجرهِ ،،، لم يَكن الهجر بمعنى من بلدةٍ إلى أُخرى ،، ليته كذلك .
فـهجره كان للقلب الذي آواه وأنسَ به للعمرِ رفيقاً و .. وحبيباً ...وكان له خائناً.
وها أنا الآن أترقب تغيّر جذري لهذا القلب المسكين ، الذي بات يَخشى القُرب من كل الأشياء ، ولم يَعُد يتمنى حدوث مُعجزة تُعيده له ، ولا عاصفة تأتي برِياحٍ تحمله إلى أرضي ، ولا حتى لقاء تتعمده الأقدارُ لنا ...فقد أُخمِدت نار الإشتياق به لرؤياه منذ أن أعلن إنتمائه لأخرى ، أيقنتُ صِدق محمود درويش حين قال "أسميتك من جهلي وطناً ، ونسيتُ أن الأوطان تُسلب."
وذهبت أنتَ وسلبت مني الطمئنينة، فـ دوماً أعتقدُ أن وراء كل شيء جميل ، شيءٍ ما سيُفسده .
واليوم أجلس بأريحية لا يجاورها وعثاء التفكير ، أحتسي قهوتي التي تخلو من سُكر وجوده وسط لفحات الهواء بأمسية شتوية هادئة تتخللها ألحان وكلمات "كـوكب الشرق" بـ "فاات الميعاد" ...، قد مرّ الزمان حاملاً بين أيامهِ حُبك ، أما بقاياه فـدعها تكُن تسديداً لدين ذِكراك .. حتى كُلما مرّت الأيامِ أذكُر أن شخصاً عبرَ هُنا وترك أثر ، وقلبي له مازال حافظاً ..وليس تفضيلاً ، فهو لكُل العابرين موطناً ..

علي سبيل الحب ❤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن