الفصل50🌹(الشباب)

44 6 2
                                    

في مطروح، كان عبد الرحمن يجلس مع أسرته، ممددًا ساقه المثقلة بالجبيرة على المقعد أمامه، وجهه يعكس مزيجًا من الصبر والضجر. الجو كان ساكنًا، إلا من أصوات التلفاز البعيدة والمحادثات الهادئة بين أفراد العائلة.

دَخَل الأب، عبد الله، بوجهه الجاد الذي اعتاد عليه الجميع، وألقى السلام على ابنته سامية وزوجها مدحت، الذي بدا عليه الارتباك فورًا. نظر مدحت نحو عبد الله بقلق واضح، فهو لم يأتِ في الوقت المناسب، وكان يعلم أن زوجته أحلام ووالدتها ليالي ليستا في المنزل، إذ خرجتا لإحضار بعض الأغراض. أما مسعد، شقيق أحلام، فقد كان لا يزال في العمل.

الارتباك الذي غمر وجه مدحت لم يكن مجرد شعور عابر، بل انعكاس لحالة نفسية كان يعيشها. جاء لرؤية زوجته قبل سفره إلى القاهرة، حيث يعمل مندوب مبيعات في إحدى الشركات الكبرى، ولكن حضوره المفاجئ وغيابها عن المنزل جعل الموقف أكثر تعقيدًا. حاول أن يعتذر، وهو يدرك نظرات عبد الله الغاضبة التي كانت تخترق صمته كالسيوف.

مدحت بصوت متوتر:
"أنا آسف يا عمي، عارف إني جيت في وقت مش مناسب، بس كنت مضطر."

عبد الله، الذي لم يكن يغفر بسهولة، لم ينتظر طويلًا ليرد بجفاف: "
وإيه اللي اضطر، إنك تيجي في وقت إحنا فيه؟"

مدحت، محاولًا الدفاع عن نفسه ولكن بارتباك أكبر، قال: "هسافر النهارده للقاهرة علشان الشغل، وبعدين أنا كاتب كتابي عليها، يعني هي مراتي وأخوها هنا."

عبد الرحمن، الذي لاحظ تصاعد التوتر بين والده ومدحت، قرر التدخل لتهدئة الوضع قبل أن يتفاقم. نظر إلى والده نظرة ملؤها الهدوء والاحترام:
"ما حصل حاجة يا حاج، أنا موجود وهسد مكانك."

لكن عبد الله لم يكن ممن يسهل تهدئتهم في مثل هذه المواقف. نظر إلى عبد الرحمن نظرة حادة، وقال بلهجة لا تخلو من العتاب:
"ما أنا بتكلم عليك، هو ده المطر؟ تقعد كده رغم إنك تعبان وممنوع تقوم من السرير؟ الحركة غلط عليك، والمفروض هو عارف ده. مش هيحصل حاجة لو كان سافر وكلمها تليفون."

مدحت بلهجة اعتذارية:
"حقك عليا، أنا آسف."

عبد الله، الذي بدأ يلاحظ الحزن المتسلل إلى ملامح مدحت، خفف من نبرة صوته قليلًا، لكنه حافظ على جديته: "عارف إنك بتحب بنتي، وده شيء بيطمني عليها. لكن احترام البيوت أهم، مش علشان إنت جوزها تبقى تدخل وتخرج في أي وقت. لما تيجي بيتك ليك الحق، أما هنا في بيت أبوها، فأنا صاحب القرار. احفظ بيوت الناس، تحفظ بيتك. الأصول ما حدش يتعداها."

شعر مدحت بثقل الكلمات، وامتلأ قلبه بمزيج من الحزن والاحترام تجاه هذا الرجل الصارم الذي كان يحمي بيته وعائلته بقوة. انحنى قليلًا احترامًا وقال:
"أنا بعتذر ليك مرة تانية."

 أنياب الورد🌹الروايه الاولى  من سلسلة روايات (ورد الياسمين)/بقلم  Gasmin khaterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن