خطأ واحد دمر حياتي في مجتمع لا يرحم المخطئ، قضيتُ المتبقي بجلد الذات، مقتنعة تمامًا استحقاقي بهذا، يلوح أمل لنهاية رحلة عذابي، أتساءل: ـ أتراه سينهي عذاب السنين؟ أم مثلهم جميعًا يخبئ سوط عقابٍ ليكون آخر الجلادين**********
حملني على ذراعيه يضمني إليه وأنا أصرخ بدلال، أضربه برفق على كتفه لأخفي خجلي:
ـ أنزلني يا "سامر"، اتركني سأدخل وحدي.
كان رده اقتناص قبلة سريعة من شفتي يقول:
- أبدًا يا عروسي الجميلة، سأظل أحملكِ وأدللكِ دومًا حتى تشيخي.
رفعتُ أحد حاجبي متحسرة على الرومانسية وأنا أراها تحلق للخارج وقلت بغيظ من بلاغته الكلامية:
- تشيخين! راضية بضميرك أهذا كلام يقال لعروس ليلة الزفاف؟! الصبر من عندك يا رب.
ضحك بقوة لأننا سعيدان باتحادنا وقد نلنا مرادنا أخيرًا بوجودنا معًا، لا شيء سيفصلنا أبدًا، وكان هذا عهدنا منذ الصغر، فقال بحنو:
- لا تخافي صغيرتي لن تشيخي بنظري أبدًا حتى لو بعد مائة عام، ستظلين دوماً حبيبتي الصغيرة الغالية على قلبي وروحي ولا سواكِ بحياتي.
تذمرتُ بدلال:
- مَن الصغيرة هذه؟ لقد تخطيت الخامسة والعشرين يا رجل وما زلتَ تناديني بالصغيرة!
رفع أحد حاجبيه وقال بشقاوة تلمع بعينيه:
- وهذا أيضًا ليس ما يقال في ليلة الزفاف.
منعتُ لساني بصعوبة من أن أسأله بوقاحة عما يجب أن يقال في هكذا ليلة.. كأنه قرأ أفكاري فهمس ملامسًا أذني:
- ستعرفين حالاً.
ضحكتُ بخفر أتعلق بعنقه أكثر، لطالما دللني واعتنى بي، أطعمني بيديه وحملني بين ذراعيه فبتُ أشعر أن هذا مكاني، نعم موطني حيث خافقه.. حيث أدفن وجهى في صدره وأحصي ضربات قلبه، تنشقت عطره الرجولي الذي بت أميزه من أميال، مخلوط برائحته التي أدمنتها، أتنعم بتلك اللحظات بقربه كأنني حرمت منه طويلًا!
أنزلني بجوار الفراش وقف أمامي وأخذ يفك أزرار قميصه بتوعد بعدما نزع معطفه.. رفعت عينيّ إليه لأجد العبث ظاهرًا من عينيه، سألته أتظاهر بالنزق:
- ألن نأكل أولاً؟
لكنني كنت مشتاقة إليه كما هو،
متى غاب عني؟ متى صرت بهذا التوق إليه؟ كأن سنوات فصلتني عنه! سنوات لم أرَ فيها وجهه وأتنعم بقربه.
أحنيتُ رأسي أفك طرحتي حين شعرت بيديه تجذبانها بعيداً.. تنهيان ما بدأته، رفعت وجهى إليه بعدما شعرت بيديه على ذقني.. كنت أترقب قبلته، أشتاق إلى أحضانه وأنفاسه، حملقت في وجهه بانزعاج لا أصدق ما أرى،
أغمضت عيني أرمش بهما عدة مرات لعل الرؤية تتبدل أمامي لكنها لسوء حظى ظلت ثابتة في عيني لا تتغير، إنه ليس هو هذا الرجل الذي ظننته! ليس "سامر"!
دفعته بعنف لا أعي كيف تورطت معه، أصرخ:
- من أنت؟
أجاب يحاول الاقتراب مجدداً مني:
- أنا زوجك يا عروس! أنسيتِ كيف تزوجنا؟
غزا جسدي كل الرعب من مرآه بقربي بل ويريد المزيد مني، المزيد الذي لن أعطيه لأحد أبدًا، أخذت أهز رأسي برعب أتراجع للخلف: لا، لا أنت لست بسامر، أنا لا يمكن أبداً أن أتزوجك.
رأيته يحاصرني؛ يحاول قمع تمردي والغضب يظهر في عينيه، تحولت رقته لخشونة يريد معاقبتي:
- ماذا! من "سامر" هذا؟ أنا زوجك يا امرأة، أتتكلمين عن رجل غيرى في ليلة عرسنا!
-لا، لا.
أخذت أكررها بلا توقف واسترسلت أحدث نفسي آملة أن أكون في كابوس وأستيقظ:
- أنا لا يمكن أن أتزوج غير "سامر"، أنا لا يمكن أن أتزوج أبداً، "سامر" مات وأنا سأموت معه، لن أكون لغيره أبداً.
أخذت أنوح برفض وانا أركع على ركبتيّ لأهرب منه، أصارع ما أراه كأنه سيغرقني.. أحاول أن ألتقط أنفاسي لأسيطر على رعبي وأجد حلًا يخلصني منه.. تلفت حولي أبحث عن سامر لعل في الأمر خدعة ما وهو يراقبني من بعيد، كما كان يفعل في الصغر.
بدأت أهذي بما أقوله لنفسي دوماً كلما تقدم عريس لخطبتي: "أنا لا يمكنني أن أتزوج، لا يمكنني أن أتزوج أبداً لأنني لست، لست بعذراء!!