الفصل السابع والعشرون

277 18 5
                                    

                       "بين خفقة وخفقة"

تململت ترمش بعينيها على الضوء المتسلل من النافذة يتسارع في الوصول إليها ليوقظها، كأن يومها سيكون مختلفًا أو مميزًا يستحق النهوض له.

شعرت بشيء ثقيل على خصرها وأنفاس قريبة منها، رائحة تعرفها جيدًا تتسلل لحواسها، انتبهت بالكامل تطرد أثر النوم عنها وهي تلف بوجهها لتنظر إليه.

إنه هو.. "باهي"!

 ماذا حدث وكيف وصل إلى هنا؟

أخذت تفكر فلم تصل سوى إلى نتيجة واحدة أن "أمير" من استدعاه رغم أنها قد أصرت أن يعدها ألّا يتصل به ويخبره وقد وعدها أنه لن يفعل.

كان هذا آخر ما سمعته قبل أن تستسلم وتترك ذراعها له فيحقنها بما يريد من مهدئات.

هزت رأسها بضيق لتذكرها الحالة التي كانت عليها أمس، حالة مخزية من الضعف وقلة الحيلة.

تذكرت كيف أنقذها "أمير" بالمجيء الفوري فور استنجادها به بعدما سمع بكاءها وعرف بمدى انهيارها.

تذكرت بصعوبة كيف زحفت حتى وصلت إلى باب شقتها وفتحته ليدخل،

أما بعد ذلك فضبابي كله عبارة عن وصلات بكاء بطرق مختلفة بين تماسك وانهيار، إنها حتمًا حالة انهيار عصبي مرت بها، صحيح هي لم تدرس الطب النفسي لكنها موقنة من صحة تشخيصها.

لكن كيف وصل "باهي" إليها؟

وانتهى به المطاف جوارها على فراشها؟

أأخبره "أمير" بحالتها؟ لا.. لا.. لا تريد له أن يعرف بمقدار انهيارها من بعد رحيله، لا تريده أن يشفق عليها أو يظل معها لأجل مرضها.

مدت يدها توقظه:

- "باهي"، استيقظ.

فتح عينيه بعد بضع هزات وظل يتطلع إلى وجهها مطولاً بعدم تركيز، لا يصدق حقيقة وجوده هنا، معها.

لفهما الصمت طويلاً وكل منهما يستوعب حقيقة قرب الآخر.

ـ صباح الخير "هدى".

عقدت حاجبيها بتوجسٍ تعيد جملته الهادئة في رأسها، سألته دون لفٍ ودوران:

- متى أتيت؟ هل اتصل بك "أمير"؟

 تنحنح يجلي صوته ثم رفع نفسه على ذراعه ليطل عليها من أعلى ويرى كل تفصيلة من وجهها الذي تاق إليه وحرم نفسه منه بإرادته، رغم قضائه ليلة أمس يتفحص تفاصيله إلا أنه لم يشبع منه، لم يشبع من رائحتها ولا من تلك القبلات المسروقة التي ظل يتلمس بها بشرتها.

قال يمد يده يمسد على شعرها الثائر حول وجهها:

- ليس تمامًا.

عقدت حاجبيها بضيقٍ متوتر وذهنها يرسم صورة عن الحالة التي وجدها بها.

 أكمل مع بسمة صغيرة أمام عبوسها:

أسيرة ظلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن