"سيدة النساء"
أحبك جدًا سيدة النساء
أراكِ بعيني كاملة البهاء
الطريق إليكِ شديد العناء
أخشى الضياع في الأرجاء
أحبكِ تدورين حولي بذكاء
أحبكِ تنظرين إلي بكبرياء
تتلاعبين بمكر تجذبيني بدهاء
فأستسلم لحبكِ راضيًا باسترخاء
هزمتني سنوات قضيتها في جفاء
فبت أحلم بقربكِ كل مساء.
فتحت كفيها على اتساع وهي تشجع تلك الصغيرة التي تجاهد لتخطو نحوها:
ـ هيا يا حنون ستنجحين، فقط بضع خطوات أخرى، هيا.
نظرت إليها تلك الصغيرة بعينين متسعتين كمن يفكر في تلك الخطوة الكبيرة على قدميها الصغيرتين تقيس المسافة لكفي "هدى"، بدأت تصدر بلسانها صوتًا سعيدًا وقد قررت المجازفة وإكمال مسيرتها لتصل.
تنهدت "هدى" وضحكت بفرح لإصرار الطفلة التي لا تقبل الفشل كأحد الحلول ولا يعرف اليأس أن يصل لقلبها الفرِح كلما سقطت عادت إلى النهوض.
تعالت ضحكاتها وهي تكاد تلامس أصابع "هدى" بذراعيها الممدودتين تناشدها أن تتلقفها لترحمها من خطوة إضافية تخطوها حين تسرعت أكثر من اللازم ورخت جسمها قبل أن تصل إليها بالفعل، كانت النتيجة أنها صارت منبطحة على الأرض تبكي بتذمر خسارتها بعدما عجزت عن الوصول.
حملتها "هدى" بغريزة أمومية لم تشعر بها من قبل، أخذت تهدهدها برفقٍ تهدئ روعها:
ـ وقعتِ يا حنون، لا تبكي يا صغيرة، غدًا لن تقعي، ستكونين كبيرة لن تقعي مجددًا، أعدكِ بذلك، لا تخافي أنتِ بخيرٍ الآن.
كانت الصغيرة بدأت تستجيب لهمسات "هدى" فبدأت تتطلع إليها بعينيها الممتلئتين بالدموع، حين سمعت صوت "منى" تقول:
ـ أمكِ جاءت، لا تبكي حبيبتي.
عادت الطفلة إلى وصلة البكاء المنقطعة لوالدتها تعيدها من البداية، احتضنتها بين ذراعيها ودفعت زجاجة اللبن الدافئة في فمها فكان لها أثر السحر على الصغيرة التي أخذت تمضغها بنهم بعينين عاتبتين تلوم أمها على تركها تلك الدقائق مع "هدى".
ضحكت "منى" برفق لصغيرتها ورفعت عينيها إلى "هدى" التي رفضت تبديل ثيابها منذ أمس وظلت بها حتى الصباح:
ـ أنتِ يا "هدى" الآن مثل "حنان" الصغيرة تتعثرين في الطريق، لذا ما كنت تقولينه منذ لحظات لها قوليه لنفسكِ.
تطلعت إليها "هدى" تتذكر همساتها التشجيعية كي تسير صغيرتها ولا تبتئس من السقوط.
همست "منى" تتخطى إحساسها بالألم تحاول أن تتناسى أن ذلك الذي تتكلم عنه هو أخوها لحمها ودمها: