الفصل التاسع

374 23 6
                                    

                "رشيقات فرنسا"

داخل إحدى الغرف الشبيهة بالزنزانة كان يدور بجسمه المشتعل يقاوم ذلك الخدر المتسلل لجسمه ليظل مستيقظًا. ألم بجسمه رهيب يجعله يئن ويحترق فيصرخ بشدة غير قادر على الاحتمال.
يدخل إليه بعض المسعفين ليعطوه مادة ما فيسكن جسمه عن الحركة ويتمدد بسكونٍ ليحترق في صمت، يشعر بكل لسعات الألم لكن يفقد قدرته علي التعبير، الآن لا يريد أن يصرخ... سيحتمل، سيظل يقظًا حر الحركة، يريد أن يجد حلًا ليهرب من هنا، كيف تخلى عنه هؤلاء، من كان يعمل لديهم لسنوات، ألم يعدوه بالإنقاذ من أي شيء يسوءه؟ ألم يعدوه بأن أيديهم ستكون أسرع من القانون وأقوى من أي سلطة؟

عاد للتلفت حوله يفكر أي قانون هذا وهو سجين هنا في المشفى! ربما يجب عليه بأن يهدد بكشف أسمائهم ليتحركوا لإخراجه، اسم واحد يكفي ليقلب البلاد كلها، فقط لو عرَّى فساد واحد منهم قد يسرع الآخرون لنجدته.

شعر ببابِ الغرفة يفتح فاستدار بعينين شرستين متوقعًا ذات المسعفين لكنه بدلًا منهم رأى رجلين أحدهما ببذلة رسمية دون ربطة عنق، والآخر بقميصٍ مقلم وسروال من الجينز الأزرق، سمع الأول يقول للثاني:

ـ ها قد جلبتك له ماذا ستفعل؟

ركز قليلًا فتذكر ذا القميص المقلم، من أوسعه ضربًا ليلة أخذهم "هيام" منه، تلك الـ"هيام" التي تشبه قطعة جاتوه مشبعة بالكريمة اشتهى أن يأكلها بهدوءٍ وتأنٍ فظل يؤجل متمهلاً، يمني نفسه بالوقت المناسب ليستمتع ببطء كما يحلو له، حتى جاء من أخذها منه فلا طال السرعة ولا البطء.

تمتم يخفي ارتعاشه متوقعًا ما سيفعلانه به:

ـ أنتما لا تعرفان مع من تلعبان، تظنان أنكما تستطيعان احتجازي هنا والقضاء علي؟ إن ذكر اسم واحد من الذين أعرفهم كفيل ليخرجني من هنا فورًا.

نظر "باهي" إليه بنفور، شد قامته باعتدادٍ واثق:

ـ لا.. لا تحلم بذلك، إن صلاتك القوية قطعت كل صلتها بك وتركتك لنا كي لا تضطر للاشتباك معنا، إن الحيتان تتجنب الحيتان وأنت يا صعلوك لا مكانَ لك وسطنا.

ضاقت عينا الرجل بوعيد يراقب "وافي" يقترب منه بملامح تنذر بالشر يسأله:

ـ هل أمرتك صلاتك القوية بجلب "هيام"؟

أجاب "باهي" بدلًا عن الرجل:

ـ قطعًا لا، إنهم يربحون من الاتجار في المخدر ويربحون أكثر بإضاعة شباب البلد فيتقاضون من الخارج مبالغ خيالية مقابل سقوط شباب الجامعة الذين هم شباب المستقبل وأمل الغد، لكن الوغد لم يقاوم نزواته الخاصة، لذا من وجهة نظرهم هو يستحق ما ناله.

فكر الرجل أن لا أحد سأله شيئًا، لم يحقق معه أي أحد ولا حتى طبيب سأله عن رغباته، كأنه أحقر من أن يهتموا بعلاجه النفسي، لكنهم على الأرجح قد يعالجونه بعد شفائه من الإدمان.. لينتقلوا به لمرحلة لا يريدها، لا يريد الشفاء سعيد هو بساديته، غير مقتنع بكونها مرضًا نفسيًا، إنها غريزة داخل كل إنسان هو فقط نمّاها وكبرها.

أسيرة ظلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن