الفصل الحادي عشر

335 18 3
                                    

                "حبكِ أحياني"

دخل يتسلل ليلًا متوقعًا أنها تعد شيئًا لتفاجئه وهو سيتظاهر بالصدمة لعل نوبة فرح تصيبها، فتهيل المفاجآت عليه تباعًا وتغرقه الأيام القادمة.

لقد كبر أطفاله، من حقه أن يعيش الأيام الباقية له يتمتع بقربها منه، تلف وتدور في فلكه، يتباهى بامتلاكها، آسرته صاحبة العينين الزمردتين، لقد علم من سكرتيرتها الخاصة أنها ذهبت إلى البيت مبكرًا وهذا ليس من عادتها! أتترك العمل لأجله حقًا؟ لا بد أنها اشتاقت إليه أكثر وقد طال ابتعادهما.

حسنًا أسبوع يعد فترة طويلة جدًا بالنسبة له، عذرها وانتظرها مقدرًا أن تخلّف "أسامة وراجي وشروق" عن الشركة سبب عبئًا كبيرًا عليها، أما اليوم وقد اطمأنت لإمضاء العقود وعودة "أسامة وشروق" سالمين، فعادت إلى بيتها مبكرًا تنتظره كأي زوجة أصيلة اشتاقت إلى زوجها، وهو مستعد لها على أكمل وجه، خاصة بعدما اتصل "باهي" ليتجمعوا على العشاء فتعلل بصديقٍ مريض يحتاج إليه.

كذبة مفضوحة فقصة الصديق المريض تلك قديمة يدرسونها في الابتدائية لكنه تظاهر بتصديقه فقط؛ ليتفرغ لتلك التي عادت إلى البيت مبكرًا لأجله، غدًا ستصل "نانسي" لذا اليوم فرصتهما.

راقب الضوء الشاحب من غرفة النوم يخرج من عقب الباب فتنهد مستريحًا يتخيلها تنتظره على فراشهما ترتدي له ما لا ترتديه سوى في الأعياد الرسمية،

ركن الهدية التي اشتراها من محل في طريقه إلى البيت فهذا القميص يمر بخياله كلما مر بالسيارة من أمام ذلك المحل كأنه يناديه ويعده بليلة طال اشتياقه إليها، فليرى ما ترتدي هي أولًا لعلها تخبئ له ما هو أجمل.

فتح الباب برفقٍ فسمع صوت صرخات عالية، توتر وركز قليلًا فانتبه أن مصدرها التلفاز، عقد حاجبيه بحنقٍ يتطلع إلى تلك الجالسة وسط الفراش تراقب بعينين متسعتين فيلم رعب! حتى إنها لم تلحظ أن الباب قد فتح أساسًا!

كما أنها مكتفية بإضاءة التلفاز الخافتة لتشعر بأكبر تأثيرٍ ممكن من الرعب! زفر متنهدًا بغضب يقف بجسمه الضخم أمام الشاشة يتفحص قميصها القطني المحتشم الذي حفظ كل نقوشه من كثرة ما رآه... الصبر يا رب.

أشارت إليه بأصابعها الأربعة تلوح له ليبتعد عن أنظارها وهي تقفز على ركبتيها تحاول أن ترى تلك الشاشة التي حجبها بجسمه، يحدقها بغيظ يمنع نفسه من إطفاء الشاشة بنفسه حتى لا يثير حنقها لعله ينقذ ما تبقى من ليلته البائسة على خير.

حولت عينيها إلى وجهه تقول بغيظٍ لأنه لم يستجِب لإشارة يدها:

ـ ابتعد "أمجد" ستموت الفتاة، ابتعد.

كتف ذراعيه يقول بنزق حقيقي:

ـ بل أنا من سأموت كمدًا منكِ يا عديمة الدم.

أسيرة ظلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن