"حب لا يتأثر"
الصمت أجمل لن أكسره بكلمات
الصمت لغة معبرة تفوق اللغات
لا شيء سيخرجني عن الثبات
يعجز قلبي عن وصف وجع الذات
يعجز عقلي قص ما مر وما فات
يفشل لساني في اختيار التعبيرات
يبقى صمتي أفضل كل العبارات
لا نتيجة مرجوة لأي ملامات
أأمن لروحي وأد الذكريات.
لا تذكر تحديدًا كيف انتهى بها الأمر ترتجف خارج غرفة والدها في المشفى، لقطات مشوشة تمر أمام عينيها كأنه شريط فيديو يعرض أمامها، شاهدته بتبلد وعدم إدراك، لا تصدق أنها مرت بكل هذا في الساعات الماضية وهنا انتهى بها المطاف.
لا تعرف بعد كيف، حالتها تحديدًا ما زال الطفو يسيطر على حواسها، تذكرت مشهدًا لوالدها كيف يجس نبضها كل لحظات، وآخر لوالدتها تنوح بذعرٍ باكٍ تحتضنها.
تذكرت "وافي" يضع عليها الغطاء بعد أن مددها على أريكة الجلوس، صورة واحدة عالقة في ذهنها بوضوح، مشهد أبيها وهو يمسك موضع قلبه مترنحًا وقد ازرقت شفتاه بطريقة مرعبة، وقتها أفاقت بالكامل وكأن ذلك الأدرينالين المندفع بأوردتها كافٍ لإزاحة أي مخدر من عروقها هي تذكر ما فعلته وقتها، لقد تشبثت به بعد أن رأته ملقى بين ذراعي "سمر" لتحلف له أنها ما زالت بخير وتعتذر وتتأسف وتعود لتبكي تطمئنه أنها بخير وأن ذلك الوغد لم يمسها، وكأن كلامها سيفيد في حالته تلك وهو في الأساس لا يستمع لما حوله.
كانت دموعها تنهمر بتواصل، تترك خلفها خطوطًا حمراء، لا تعرف أتبكي على حالها وما حدث لها أم تخشى ما قد يحدث لأبيها؟ فكرة تخيلها لسوءٍ يصيبه يضاعف من شهقاتها، لا تجد راحتها ولا في حضن "سمر" الملتاعة ولا بين ذراعي "أسامة"، لقد فقدت أمانها.. أمانها مع ذلك القابع في غرفة الطوارئ، ورغم أن الطبيب طمأنهم معلنًا أن الحالة مستقرة، فقط تعثر القلب قليلًا في ضخ الدماء لكنه عاد إلى عمله بصورة مستقرة، فإنها تعرف جيدًا أن الذبحة الصدرية قد تتكرر وقد تأتي نهايته في واحدة.
لكن لمَ تنظر إلى الجزء الفارغ من الكوب؟ لتحمد الله أنه نجا هذه المرة وهي ستراقبه وستنظم غذاءه وتبعد عنه كل الدهون الضارة التي يعشقها، ستنتبه لأقراص دوائه، ربما عليها التخصص في القلب والأوعية الدموية لتجيد العناية به.
سألها "أسامة" بعد أن عادوا لجلستهم في تلك الغرفة الملحقة بغرفة والدها بعد أن نام الأخير من تأثير العلاج:
ـ ماذا حدث هناك تحديدًا؟
فركت ذراعيها بألم وانتفضت، لا تعرف من سؤاله الذي دفعها لتذكر ما حدث أم أثر ما استنشقته مرغمة هناك؟