الفصل الحادي والعشرون

271 21 6
                                    

                                "شهر العذاب"

كالليث الحبيس يدور في المكان، يريد ماذا؟ لا يعرف بعد تحديدًا، مر يومان منذ جلبها هنا لم يرها فيهما، يمنع نفسه من اقتحامِ غرفتها وتهشيمها فوق رأسها. يمنحها ويمنح نفسه ما يحتاجان إليه من مساحة ليهدئا ولكن ممَ ستهدأ؟ هي المدركة لكل ما فعلته عمدًا تفرض عليه واقعها ليقبل به، تظن أن الحب سيرغمه وينسيه فعلتها وكذبها؟

تخرج صباحًا تأخذ قهوة تصل رائحتها لأنفاسه ولا يعرف إن كانت تأكل أساسًا أم لا، لا يهمه الأمر كثيرًا، حتى وإن ماتت جوعًا فلن يبالي بموتها، ليعود جانبه الإنساني يحسه أن يخرج ليتمشى مساءً على الشاطئ الرملي لتأخذ راحتها، إن كانت تريد الأكل أو شرب شيء فلتفعل في عدم وجوده أريح لكليهما.

 فقط لتظل حية، لا يريد أن يميتها جوعًا لكن لا بأس إن أماتها ضرباً.

خرج من الباب ونزل ثلاث درجات بقفزة واحدة، غضبه رغم مرور الأيام لم يهدأ.

لا يزال كلما سار على الشاطئ أو تمدد على رماله الصفراء يذكر كيف كان مغفلًا حالمًا بعشقها، تلك المتمرسة التي تظاهرت بالبراءة والخجل معه حتى وقع كالغر الساذج في حبالها.

بقدمه ضرب الرمال بعنف فتطايرت من حوله متبعثرة، متشتتة، تمامًا كحاله.

هو "باهي ذهني" الذي لم يعرف السهاد في حياته لأجل أنثى بات الآن السهاد رفيقه والأرق نصيبه، يريد إيجاد حل للخروج من معضلته دون خسائر، يحكّم عقله بدلاً من قلبه الذي أغرقه.

سار بمللٍ يقطع الأمتار جيئة وذهابًا إلى المنزل، لا يزال غير مرتاح، لم يصل إلى نتيجة مرضية.

قرر العودة فدخل من الباب وصفقه بصوت مرتفع علّها تسمع، لا يريد أن يجلس وحيدًا، ولا يريد أن يراها أمامه.

يكره السكون ولكن يكره صوتها أكثر، ذلك الصوت الناعم الذي تسلل في غفلة منه وأيقظ مشاعره وأحيا بضعفه وحزنه رجولته ليحميها وينهي حزنها، ليخلصها من عذابها، ليفيق بعدها من حلمِ الحب الخيالي الذي داعب رجولته على شعوره بالإهانة والاستغفال. أتراها كانت تمثل عليه وهي تبكي عشقها لآخر؟

أتراها قصدت أن تتمسك بـ"سامر" لتثير غيرته أكثر؟ لا، هو يعرفها جيدًا رغم خداعها إلا أنها أحبته كما أحبت "سامر" ولطالما قابلته بالصد في البداية لكن خداعها لا يقبله.

 كيف يقبل بعشيقة آخر تكون زوجة له؟

 أبدًا لا يطيقها، لتذهب بحبها إلى الجحيم لو أرادت، فقط تخرج من حياته التي دمرتها ليعود إلى صفاء حياته.

جلس على الكرسي ورفع قدميه على الطاولة، أسند مشط قدمه إلى حافتها وبدأ يدفعها ببطءٍ فأصدرت صوتًا مزعجًا وهي تتراجع للخلف مرغمة أمام قوة ساقيه.

أسيرة ظلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن