"مولاتي"
لا تغمضي عينيكِ في بعادي
لا تهدأ يا قلبها دون وداعي
النوم يجافي جفوني
صورتك بقلبي وعيوني
ذوقي هدير فؤادي
عذاب لوعة اشتياقي
معي في ليلى ونهاري
دوما تحتلين أفكاري
في قربك أجد ذاتي
وبعدك يكون ضياعي
معك أسرد اعترافاتي
أحبكِ جداً مولاتي.
تقلبتُ في فراشي يجافيني النوم ويعاند مقلتي، تمتمت متنهدًا: "إلى متى هيام تعذبينني بحبك؟ مهما التهيتُ بالدراسة لأبعد ذهني عنها تظل محاولاتي بلا جدوى.. تظهر لي بين أسطر كتابي.. تبتسم.. تعدني بأشياء لا أعرفها ولا أتخيلها مع سواها.
يخفق قلبي متسارعًا بذاك العشق المتدفق بالأوردة يسري بمجرى الدم يحتل كل كياني.. سيظل تباعدها يؤرقني ويزيد عذابي، أتراها تريدني أم لا ترغبني؟".
اعتدلت أجلس في فراشي أتخيل يوم أن يصير من حقي لمسها، فكرة جدار واحد يفصلني عنها تثير جنوني، أرغب تحطيمه لأصل إليها لعلي إن بت قربها يهدأ قلبي الملتاع شوقا إليها: "لا، لا".
عدت نهرت نفسي أحاول السيطرة على ضربات ذلك الخافق الذي لا يهدأ أبداً لرغبته في وصالها، نهضت من مكاني نظرت إلى راجي الغائب عن الوعى يأكل أرزًا مع الملائكة، كما يقولون، فتحت الشرفة ببطء كي لا أوقظه، دخلتها أصوب النظرات إلى شرفتها المغلقة بجوار شرفتي، نظرات ذات مشاعر مختلطة، ضوء خافت منبعث منها لا بد أنها نائمة وتحلم الآن، نائمة لا تشعر بسهادي ولا لوعتي.
كنت أنام هنا كلما يجافيني النوم كأني أراقب شرفتها خوفًا من مجهول يتسرب إليها، مجهول يأخذها مني، أي عشق هذا؟ بل أي جنون يتلبسني!
تأملت الحديقة العالية الأشجار تحيط بالمبنى.. حشرات الليل تعزف لحنها الخاص وسط سكون الليل، هبت نسمة باردة محملة برائحة طين الأرض لامست وجهي، استنشقتها متلذذًا لكل نفس يدخل صدري، ضوء القمر المنعكس على الأشجار منحها جمالًا خاصًا أسطوريًا ذكرني بذاك الأمير المتسلل على لحائها ليرى أميرته القابعة بفراشها ليلاً.
استلقيتُ على أرضية الشرفة رفعت ذراعيّ لأعلى باسترخاء وصنعت منهما وسادة لرأسي لعل جسدي الفائر بالرغبات يهدأ مع رطوبة الأرضية، بدأت أحصي النجوم كما دأبت أن أفعل كلما نمت هنا.
ابتسمت بسخرية أعي لأول مرة أن هيام قط لم تحصِ معي النجوم! ولكم تمنيت أن تفعل ذلك وهى تبرع في الهرب كل مرة، عدت أتنهد على تلك الأفكار الصبيانية الرومانسية التي تنتابني رغمًا عني.