"صفقه ناجحة"
نظرت "شهد" إلى التقارير التي أمامها، تعاقد مبدئي لرجل أعمال مصري مقيم في باريس، يرغب في بناء مصانع للغزل والنسيج داخل مصر.
مشروع ضخم، تكلفة وتصميم ستكون شركتها خاسرة لو لم تسرع بأخذ المشروع ليكتب اسمها ضمن كبار شركات الإنشاء والتعمير، لن تكبر شركتها فقط بل سيعود المشروع بفائدة على البلد كلها، سينمي اقتصادها ويكون فرصة مناسبة لتشجع الكثير من المستثمرين من رجال الأعمال في مصر وخارجها على الاستثمار في بلدهم.
أليست بلدهم أولى بهم؟
عادت تنظر إلى العقد أمامها، لم يظل سوى أن يسافر "أسامة" كما اتفقا ليكون نائبًا عنها هناك ليتمم الصفقة، بعدها سيحول المستثمر المبلغ المالي المتفق عليه لحسابها في البنك ثم يبدأ العمل الجاد.
ابتسمت تتذكر أمس حين دخلت عليها "شروق" بزوبعة زاعمة أنها يجب أن تسافر مع الوفد المسافر إلى باريس لتحد من المصروفات التي ستهدرها "نانسي" هناك على شراء أحدث الصيحات من (الشانزليزيه) وخلافه، وقتها نظرت إليها "شهد" باستهجانٍ بعد أن رفعت نظارتها الطبية عن عينيها تتفحصها بجدية:
ـ لا تقوليها "شروق"، لا أصدق أن إهدار أموالي على ابنتي أمر يهمك لهذا الحد! لذا تستطيعين اختصار كل مزاعمكِ الزائفة تلك وتخبريني علانية أنك تتحرقين شوقًا لزيارة باريس مع "أسامة".
أمالت شروق رأسها للجانب تفكر وشعرها المعقود يتأرجح على كتفها في حين أكملت "شهد" تقنعها:
ـ ثقي أنني سأتفهم ذلك وأجد لك حجة مقنعة لتكتمي على أنفاسهما هناك.
قضمت "شروق" شفتيها لتقول ببراءة مصطنعة:
ـ أتجدين أن الأمر سيكون أفضل هكذا؟
رفعت "شهد" كلتا يديها تتمتم بلؤم:
ـ بالطبع حبيبتي، أدرك مدى تحرقكِ لتزوري الأماكن السياحية التي حكيت لكِ عنها، لكن دعينا نتفق أولًا، أبدًا لا تحلمي بالنوم على سريري الدوار.
تذمرت "شروق" بضيق حقيقي، كأنها سافرت بالفعل ولم يتبقَ لها سوى النوم على السرير:
ـ هذا ظلم، لم أنم قط في حياتي على سرير دوار؟
ابتسمت "شهد" تتذكر تلك الأيام التي قضتها في باريس مع "أمجد" التي كانت أجمل من الحلم، حلم تصر أن تعيشه معه كل عام في الموعد نفسه لتستكين في حضنه على الفراش نفسه.
قاطعت "شروق" شرودها بحنق:
ـ ألم يشترِ لك "أمجد" سريرًا دوارًا هنا؟ فلمَ يهمك الآخر هناك إلى هذا الحد؟
تمتمت "شهد" تبحر في المزيد من ذكرياتها هناك:
ـ اصمتي يا "شروق" لا شأن لكِ بأسرتنا الخاصة أتحصينها لنا؟ إن لكل منها طعمًا مميزًا أنتِ حتمًا لا تفهمين في هكذا أشياء.