الفصل السادس

336 21 5
                                    

         "أوقات حرجة"

جلست "نانسي" على كرسيها المفضل قرب النافذة تتأرجح به تتطلع إلى السماء التي لمعت نجومها واكتمل قمرها، فور انتهاء العشاء العائلي هربت إلى غرفتها سريعًا تفكر في أحداث اليوم، تفكر فيما حدث وقد ذهبت مبكرًا إلى العمل لتنظر إلى التصميمات مرة أخرى؛ تحاول دراستها وفك طلاسمها قبل مجيء "راجي" حتى تكون أكثر فهمًا معه، فور أن نظرت إلى التصاميم صُدمت من مدى فشلها في الاستيعاب، لقد تخيلت الأمر أسهل من هذا، لكن التصميمات لها أبعادها، والشكل الخارجي يكون أسهل من التصميمات الداخلية، إنها لا تزال تتوه في الغرف عاجزة عن تخيل الأمر وطريقة بنائه.

نظرت بعبوس إلى التصميم الجديد لمشفى متكامل بطوابقه وغرفه، تصميم لم يبنَ بعد، لا تتخيل كيف يحول المهندس تلك اللوغاريتمات التي تبدو لها بلغة أهل المريخ إلى مبنى ذي جدران، اندفع شخص نحو الغرفة متعجلًا، لمحها فور دخوله:

ـ صباح الخير مهندسة "نانسي"، لقد أتيتِ باكرًا مثلي اليوم؟

أومأت برأسها ودهشت؛ لأنه يعرفها بالاسم، قررت أن تحاول الاختلاط اجتماعيًا بزملاء العمل كما لمّح لها أسامة:

ـ صباح النور مهندس مجهول الهوية، هل تأتي مبكرًا دائمًا؟

ابتسم بلباقة بدا جذابًا ببشرته التي لفحتها الشمس باسمرارٍ بدا غريبًا مع لون عينيه الزرقاوين، غرابة أعطته جاذبية مميزة:

ـ أنا "خالد"، نعم معظم الأيام التي أكون فيها أعمل على مشروعٍ ميداني، أحاول التوفيق بين العمل المكتبي والميداني؛ لأنني أفضل زيارة مواقع العمل فأمر هنا مبكرًا كما علمني المهندس "أسامة".

فور أن أنهى كلامه أخذ يبحث عن أوراقه الخاصة في مكتبه، أومأت له وهي تعاود التطلع إلى لوحتها على المكتب، سألها بعدما عثر عما يبحث عنه:

ـ لمَ أتيتِ باكرًا يا أستاذة؟

فكرت في استخدام ذكائها، تريد أن تعلو شأنًا في عينيه ولا تصغر:

ـ أنا فقط أفحص أوراق المشروع الجديد.

 شد على شفتيه كأنه يمنع ابتسامته من الظهور.

 أتراه يعرف بفشلها؟ أصارت فضيحتها علانية أم ماذا؟ تخشى أن تكون حديثَ صحف الغد!

غمغم بتهذيب:

ـ بالتوفيق مهندسة " نانسي"، سعيدٌ بالتعرف إليكِ.

قالها وعيناه تحيدان إلى ذلك الواقف خلفها، يحييه برأسه، لم تلتفت نانسي إلى الخلف، دقات قلبها أخبرتها من يكون، سحبت شهيقًا عميقًا جاءها محملاً برائحة معجون الحلاقة خاصته ممزوجًا بعطره المفضل.

التفتت إليه تراقب عينيه الواثقتين اللتين لا تباليان! تُذكِّرها بضعفها أمامه، عدم اهتمامه بما باحت به، بخزيها، استهانته بمشاعرها الوليدة بحبه.

أسيرة ظلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن