(الفصل الخامس والعشرون)
"امسك في حلمك"
دخل حانقًا يضرب الباب خلفه بقدمه محملاً بالأكياس التي ابتاعتها سيدة الحسن والجمال صاحبة الوجه الدائري والعينين الغاضبتين تواجهه بتحدٍ، ترفع إصبعها بوجهه:
- كيف تجرؤ يا "وافي"، أتغازل الفتاة أمامي؟
ألقى بالحقائب أرضًا من حنقه لظلمها الجائر:
- لا أذكر أنني فعلت.
رددت خلفه تقترب منه بعدما خفضت عينيها لمشترياتها الباهظة التي ألقاها بغيرِ اكتراث:
- لا تذكر أنك فعلت! وما الذي يعنيه ردك على تلك التافهة أنك ستتابع العروض على المحل بنفسك؟ هي تدعوك بصفاقة لتعطيها رقم هاتفك وتتعلل بالعروض وأنت بدلًا من صدها بتعنيفٍ تخبرها بكل سماجة أنك ستتابع العروض؟
هدر أمامها قاطعًا تلك الإنشات التي تفصلهما بخطوة حتى كادا معها يتلامسان:
- وهل أعطيتها الرقم؟ أجبني؟ أأعطيتها الرقم أم إلى هذه النقطة وأصابكِ الصمم؟
اتسعت عيناها تتخيل نفسها تعطيه لكمة في فكه القريب لعدم اعترافه العلني أنه لم يحسن الصد، لكنها اختارت التماسك تهدر وهي تشرئب بعنقها لتوازي طوله:
- سنلبس خواتم خطبتنا غدًا يا عديم الذوق وأنت لم تغلق الباب أمام معجباتك بعد؟ هل تنتظر مني أن أغلقه بدلاً منك؟ حسنًا سترى كيف سأغلقه المرة القادمة على رأس إحداهن، سأنحر عنقها.
شهقت تلتقط أنفاسها تفكر أنها منذ استلامها التعيين معه تتماسك بصعوبة وتتجنب النزاعات، لا يعجبها كل ما تراه، أخلاقها تمنعها من رد الصاع له ليشعر بما يفعله.
لذا لم تحتمل أكثر، تكلمت تكاد تقفز من الأرض غيظًا تتذكر إحدى الطالبات تجري وراءهما في الرواق لتسأله عن سؤالٍ تريده أن يشرحه لها الآن وهي عليها أن تقف متفرجة أو ترحل وتتركه لها، وهو لحنقها شرحه بالفعل مختصرًا التفاصيل وترك تلك اللئيمة تزرع في المنتصف بينهما لتفصلهما عمدًا.
حينها منعت نفسها بصعوبة من مد ساقها وإزاحة قدمها بحركة قد تبدو عفوية لتوقعها، تتخيلها منبطحة أرضًا وهي تنظر إليها بكبرياء تليق بأنوثتها، ترسم حدودها في المكان وتزمجر بوجوههن تعلن ملكيتها له، هذا الأعزب المتهافتات عليه، لكنها اختارت الترفع وتظاهرت بتصفحها للهاتف ريثما ينتهي من كلامه معها.
إعلان خطبتهما ثم زواجهما سيكون أكبر صفعة إفاقة على وجوههن جمعاء.
ـ أجيبي عن سؤالي، هل أعطيتها الرقم؟
هدر بعنفٍ على إثره طارت خصلها المنسدلة على وجهها.
فهدرت أمامه: