الفصل الثامن عشر

298 21 4
                                    

                                  فراقه موجع
 

دخلت "هيام" غرفتها بعدما انفض الحفل وانتهت من الترتيب مع والدتها، تنهدت بعمقٍ بعدما أغلقت بابها تستكين لحظات تحاول فيها فهم مشاعرها المرتبكة الفرحة.

بعدما زادت حيرتها سارت ببطء نحو مكتبها تتطلع إلى العلبة الصغيرة التي أهداها إليها "وافي" ستفتحها أخيراً لتعرف ما بها، يا ترى ماذا جلب لها؟

أمسكت العلبة بكفيها تنظر إليها، تتمتع بكل لحظة تأنٍ قبلها، هزتها برفقٍ فلم تصدر صوتًا مما جعل حاجبيها يرتفعان بتعجب، ارتفعت ضربات قلبها تتخيل أن بداخلها خاتميّ زواج، فها هي قد تخرجت وربما يجدد "وافي" طلبه ليدها فيعقدان القران ويكون كالخطبة لحين استلامه عمل، لكن أباها كان سيخبرها حتمًا لو "وافي" جدد طلبه.

عبست تفكر أن "وافي" لم يبدُ اليوم أبدًا كأنه عريس متقدم لخطبة عروس، وهذا جعلها تتساءل كيف يكون شكل العريس؟ حسنًا يكون متفائلًا ويحاول كسب رضا عروسه، "وافي" لم يكن هكذا اليوم.

جلست ببطءٍ على الكرسي تشرد بأفكارها بعيدًا عن هديتها، "وافي" لن يتقدم لها للمرة الثالثة إلا حين يرى منها قبولًا، لكنه وجد منها قبولًا بالفعل في المرة الثانية ووالدها من رفض!

وبما أنها تخرجت وما زالت تريد الاقتران به فحجة والدها قد انتهت، لكن أترى "وافي" لا يزال يريدها؟ والأهم أتراها هي تريده بالفعل؟

تلك الغصة التي تشعر بها في ابتعاده لا تجيد تفسيرها، حتمًا افتقادها للأمان هو ما يجعلها تتمسك به؟ أم تراه شعورها بأن الفراق موجع هو ما تخشاه؟

ربما لم يكن عليها تأجيل عملها واختلاطها بالبشر؛ فهذا سيساعدها في فهم دواخلها أكثر، لا تعرف لمَ هذه الكآبة تنتابها حين تشعر بأنه غير راضٍ عنها.

تمتمت بتذمر تلقي العلبة على سطح مكتبها:

- يرضى أو لا يرضى لا تفرق كثيرًا معي.

من هو لتهتم أصلاً برضاه من عدمه؟

"كاذبة".

هذا ما قالته صورتها المنعكسة في المرآة بكل ثقة، أما لمَ يهمها رضاه فهذا ما يجب أن تعرفه، ربما عليها أن تقترب منه أكثر، تختبر مشاعرها بقربه حين تراه، وربما عليها إجراء محادثة مع "سمر" هي ستجيد تفسير تلك العقد المستعصية لديها.

تنهدت تهز رأسها بتوتر تعرف أين ستدفعها أمها، حتمًا لأحضان "وافي". عليها أن تستشير شخصًا محايدًا لا ينحاز لوافي، شخصًا يتفهمها نفسيًا، أبوها سيفعل ولكنها تشعر بالحرج من شرح تلك المشاعر الحميمية له.

"نهى" ستتفهمها، تطلعت إلى الساعة تتمتم بضيق:

- حتمًا تغط في نوم عميق.

أسيرة ظلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن