"لماذا رحلت"
فور أن أشار إليها بالتوقف حتى نظرت باستهجان إلى الأرض الخضراء الممتدة أمامها، لا، ليست حديقة ولا توجد بها أشجار ولا ورود فقط أرض زراعية مكسوة بالحشائش الخضراء.
أشار إليها:
ـ انزلي.
نظرت إليه بتعجب:
ـ أنزل أين؟! هنا وسط الحقول؟
أومأ لها موافقًا يطمئنها:
ـ سيعجبكِ المكان.
تفحصته لحظات تتأكد من نيته الجدية، ثم عادت ببصرها ناحية الحقل الخالي من البشر، فقط به بضعة طيور بيضاء طويلة الساق تأكل من المزروعات، لو قتلها هنا لن يدري أحد، للحظات شعرت بالخوف من أن تكون ذاهبة معه لقدرها، قد يغتصبها هنا ويتركها ويرحل كما يفعل الكثيرون من المعتلين نفسيًا حاليًا.
تأملت جاذبيته تفكر بعلاقاته النسائية المتعددة، العلاقات شيء وهوس الاغتصاب شيء آخر، قد تكون بالنسبة له واحدة في سلسلة طويلة من النساء اللاتي عرفهن والتي لا تعرف لأي حد وصل بعلاقاته معهن.
هل يلمسن كتفيه العريضتين هاتين؟ استكنَّ لأحضانه؟ تذوقن قبلاته؟ هل دخل في علاقة جسدية مع إحداهن؟
رفعت عينيها تواجه عينيه، تنظر إليهما بقلق وبعض الضيق الناتج من ترددها في مجاراته، لكن الحب بهما كان أعمق، كان أوضح لعينيها وقلبها، العرق في عنقه يضخ سريعًا بنبضات قلب مرتفعة تصل إلى مسامعها، فيجيب قلبها بهديرٍ يوازيه، يسأله ما لا تبوح به.
أتراه سعيدًا لأنه معها هنا؟ أم يخطط لمصيبة؟
همس بخفوتٍ يخشى كسر السكون حولهما:
ـ قلتِ إنكِ لا تخشينني، فماذا الآن؟
غادر السيارة واستدار يفتح بابها لينهي ترددها، فرد كفه لها كما فعل حين سقطت على ركبتيها.
حسمت أمرها فهو أبدًا لن يكون قاتلًا أو مغتصبًا، فقط الأخبار الصباحية في الجرائد والتلفاز تؤثر في تفكيرها.
إنها تجعلها تتخيل الأسوأ في كل شيء، وضعت كفها في قبضته وتمتعت بتدفق الاطمئنان يسري في أوردتها، ينتقل منه إليها.
غادرت السيارة، وقفت خارجها للحظاتٍ تتأمل المكان، تجول بعينيها وسط المزروعات التي تمتد بلا نهاية كما يبدو، سمعته يقول موضحًا:
ـ هذه أرضنا، لقد ذهب الفلاحون إلى بيوتهم الآن فالساعة تخطت الخامسة وهم يستيقظون مبكرًا.
التفتت إليه تسأله وهي تقترب من ذلك الزرع الذي يتخطى بطوله ركبتيها:
ـ هل أستطيع الدخول هنا؟
أجابها مبتسمًا سعيدًا بتجاوبها:
ـ بالطبع كل المكان لكِ، هل أعجبكِ حقًا؟