الفصل الخامس عشر

336 19 4
                                    


"جزيرة العشق والموت"

فور أن ألقاها أرضًا نهضت مذعورة تقاومه وتقاوم ذلك الرعب الخالص وهو يزحف لأطرافها مدركة سوء وضعها بعد أن صارت وحيدة معه بينما "راجي" ينزف سيموت بعيدًا عنها، لا تتخيل أنها لن تكون معه، إنها عاجزة عن إسعافه، تخشى ألا تراه مجددًا أو أن تلقاه قد فارق الروح.

أحاطها بيديه يحاول إرغامها على قبول انتهاكه لها، دفعته ودفعته لكنه لا يتزحزح من مكانه بل يزداد اعتصارًا لجسمها الذي ينتفض دون توقف، لا تعرف أنها كانت تبكي وتصرّخ بذعرٍ من محتومٍ تعيشه، بات بكاؤها سيمفونية صادرة عنها لا تتوقف.

حاولت بداخلها أن تحث نفسها على الشجاعة، هيا، "نانسي" لن تستسلم أبدًا لرجل، لن تكون أبدًا أداة شبع لرجل جائعٍ مفترس، لن يلمسها سوى "راجي" بعد توثيقهما لحبهما رسميًا بعهود مقدسة، يجب عليها إنقاذه أولاً، والآن عليها الفرار والنجاة، مستعدة أن تقتله حفاظًا على عفتها، هي قوية كفاية لتفعل.

جابت عيناها الكوخ تبحث عن أي شيء تضربه به لتفقده الوعي وتجيد تقييده، وقبل أن تلامس يداها أحد الأشياء التي لم تفسر ماهيتها، شعرت به يلف بجسمها ليبعدها، يتأوه بنشوة ويتمتم رافضًا لما تحاول فعله.

أسقطها أرضًا ليضم كفيها يرفعهما أعلى جسمها، ينظر إليها منتظرًا استسلامها الوشيك من شدة التعب، مرت دقائق من المقاومة بتثاقل استنزفت فيها كل طاقتها، لم تستطع منعه من الجثوم على خصرها حتى شعرت بالوهن في جسمها فسكنت، تشعر بالعجز البدني والانهيار النفسي، تلهث بشدة، لم تجد أمامها سوى الدعاء، لا منقد لها سوى الله في هكذا وضع.

دعت ربها أن ينجدها بمعونة إلهية هي و"راجي" ولقد نفذت دعواتها إلى السماء سريعًا؛ فسمعا في الحال هدير مروحية تحلق فوقهما.

انتفض "جاك" يبتعد عنها بعد أن صار الهدير يصم الأذن مرددًا بذهول:

- إنه صوت طائرة! أيعقل أن أحدًا جاء إلى هنا؟

فما كان منها سوى أن تكورت على نفسها تشكر الله على نجدته السريعة تتمتم بفرح:

- إنه أبي، أبي لم يتركني أشكرك يا رب.

أما "جاك" فور أن سمع جملتها فثبت مكانه لحظات يتفحص الحالة التي باتت عليها هي و"راجي".

هي مبعثرة الشعر بقميصٍ ممزق والآخر حتمًا فاقد الوعى إثر طلقة الرصاص، ونتيجة تهوره إنهم لن يأخذوه معهم.

فور أن تمالكت "نانسي" نفسها نهضت ببطء، مسحت دموع الخوف ولسانها يردد الشكر دون توقف، فور أن شعرت بساقيها تحركت لتخرج حيث صوت المروحية، وفي اللحظة ذاتها تحرك "جاك" يمسك بيديها يقيدها خلف ظهرها يتمتم:

- عذرًا يا جميلة لكني مضطر، فور أن أصل لموطني سأخبر من يبحثون عنك عن مكانك لا تقلقي، لن أترككِ للأبد هنا، رأيتِ كم أنا رجل جيد؟ تستطيعين الاعتماد علي.

أسيرة ظلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن