42."Daylight"

43 3 0
                                    

اضنى الليلُ مدارك سُكان الميتم بضع ليالٍ متعاقباتٍ أُخر
و استقرت شمسُ صباح اليوم التالي
لتعلن اشراقة يوم جديد
استيقظ العقيد نشيطاً بيومه هذا و نزل ليتناول فِطاره مع الرجال ثم اخذ استراحة قصيرة في الحديقة
و مر بالأطفال يتفقد لويس والبقية و بالطبع لم ينسى دانيال صديقه الصغير المقرب
و هاهو ذا يتجول في اروقة الميتم وحده
بدت السعادة على ملامحه و كأنه وجد السَكينة
اعتاده الجميع..و هو بدوره ادمن قُربهم
اطلق العنان لطِباعه الأليفة و بدأ يُزعج هذا و يلقي التحية على ذاك.. احبه الجميع بالفعل
و زادت محبة الأب مارك له
اصبح كثير الحركة مؤخرا
صحيح ان عظام كتفه محطمة و لكن بعض الحذر
وسيكون على ما يُرام
قطع الدور الثاني ثم الى الرواق الاخير..
نحو الغرفة تلك عند نهاية الممر
لقد اعتادت قدماه هذا المسار
اجل نحو غرفة ليو
دخل عليه بهدوء و استقر بمكان قريب
يراقب كُلاً من مارتن و فايا
يُغيران ضمادات جراح الشيطان
فايا : امسِك به جيدا..لا تدعه يتحرك
مارتن : انا احاول تشه
- شد مارتن قبضته على معصم ليو بمحاولة لمنعه من الحراك..بينما لم يستطع ان يقسو على يده الاخرى..
اذ ان علامات انياب الذئب لا تزال عميقة
اما ليو فكان يقاوم مابينهما..يتذمر بنبرة متعبة و
يشد على الفراش محاولا كف ايديهما عنه
انه يتألم!
مارتن : اععع ليو! كفاك بحقك..
لا تكن كالاطفال اثبت فحسب!!
ليو : احح..اخرس ياه
فايا : اعذره..انه ليس بوعيه..انا المس مكانا حرجاً
ليو : فايا..ابعدي مقصك السافل ذاك..
فايا : اصبر يجب ان انظف الجرح جيدا كي لا يزداد وضعك سوءا
- قطب ماثيو حاجبيه حين استعرت بباله ذكريات القرية..لقد رأى مشهدا مشابهاً من قبل-
فايا : اه انتهينا واخيراً
- مسحت الطبيبة تعرق جبهتها و تراجعت بخطوتين للوراء تتأكد من ان الضماد بمكانه الصحيح ثم بدأت توضب اغراضها-
فايا : يمكنك تركه الأن مارتن
- همهم مارتن و ابعد يديه مطلقا لليو حرية الحركة مما جعله يتقلب سريعا لطرف اخر مبتعدا عنهما-
فايا : حبيبي..نم قليلا.. لدي عمل في المشفى
سآتي لاحقا لنأكل معا اتفقنا؟
- حملت حقيبتها وخرجت تاركة اياه في عهدة الاهوج الكبير ذاك-
مارتن : كيف تشعر الان؟
- اومئ بخفة دون ان ينبس بأي حرف زائد و ارخى كفه فوق رأسه تاركا لأجفانه سطوة القرار مما جعله يغط في نوم عميق
وعندها اقترب العقيد ليمكث بمكان قريب-
ماثيو : غفى مجددا؟
مارتن : اجل للأسف
ماثيو : لا بأس..كيف حاله اليوم؟
- نقل مارتن ناظريه بعدم رضى و اردف اثناء مسحه لأنامله من بقايا الدماء العالقة-
مارتن : انه جيد نوعا ما...
هناك بعض الجروح تحسنت و بعضها ازداد سوءاً
ماثيو : احح هذا سيء
مارتن : لديكَ شيء تفعله؟
ماثيو : هاه؟ لا اعتقد
مارتن : تعال اذا
- ربت قربه فتقدم العقيد و استقر على الكرسي-
مارتن : كيف حال كتفك؟
ماثيو : انه جيد جدا
- علت نظرة خبيثة وجه مارتن و لم يستطع كبح انامله من نقر كتف ماث..مما جعله ينتفض ويئن الماً-
ماثيو : هييه انت اخرق؟
- تصاعدت ضحكة مارتن رفق امالته لجسده للخلف-
مارتن : اهه اخبرتني انه جيد جدا
ماثيو : جيد طالما لا تلمسه ايها البغيض!!
- تمتم العقيد معترضا و مسد مكان المه-
مارتن : امم...انت وهو متشابهان
- عقد الاخر حاجبيه و اتكئ محدقا نحو المتحدث فبادره الاخر ببسمة خفيفة-
مارتن : ما بك؟ لم يعجبك؟
ماثيو : لم افهم ماتقصده
مارتن : قصدت انك و ليو متشابهان
لديكما ذات الطباع
اعتدل مارتن بجلسته وصرف بصره نحو السرير
فسادت بينهما دقائق من الصمت-
مارتن : هذا السافل متى سيموت فقط..
- دحرج ماث مقلتيه نحوه دون رد فعل ثم اردف ساخرا-
ماثيو : انه اختبار جديد تخططان له هاه؟
مارتن : لا تحتاج لاختبارات حضرة العقيد
انتهى الامر انت بيننا
- تنهد ماثيو و ابتلع ماء جوفه-
ماثيو : اذا اخرس..لا تقل شيئا كهذا
مارتن : انا جاد هذه المرة للاسف..
ليت حياته تنتهي فقط
ماثيو : بئسا ما خطبك انت؟
- احتدت نظرات العقيد فبادله الاخر بنظرات لم تكن متوقعة..كانت عيناه تقطر شفقة
مما جعل ماث يستغرب-
مارتن : اتعلم..كم مرة رأيته بهذا الشكل؟
انه هكذا منذ اول مرة عرفته..لقد مللت حقا..مللت رؤيته على اسرة المشافي..ياله من بائس وغد
- تنهد بقوة و اشاح بوجهه محاولا منع انفاسه الباقية من التصاعد بينما العقيد ينظره بشيء من الصدمة مترقبا قوله القادم-
ماثيو : لا..بأس..ليس عليك البقاء..سأبقى معه
مارتن : ليس هذا ما عنيته ماثيو!
ماثيو : ماذا تقصد اذا؟
- اعاد مقلتيه الآسفة نحو العقيد لوهلة ثم سكن بملامحه قِبالة الظل مرتعش الانفاس-
مارتن : انه فقط...الشيطان..
ماثيو : اء ..اجل؟
مارتن : ليو ليس الشيطان..انه احدهم فقط!
- رمش ماث باستغراب و نظر نحو ليو-
ماثيو : ماذا تقصد؟
مارتن : انه الشيطان الثالث فقط!
و عندما تنتهي مهامه..اعني حياته..سيأتي الرابع..
- افترقت شفاه العقيد ولم ينبس بحرف زائد
اخذ الامر منه بعض الوقت ليستوعب..
هذا ما كانو يقصدونه بالرابع قبل ايام؟
لحظة..
اهذا يعني..
انه لا يوجد نهاية للشيطان؟..
حتى و ان انتهى ليو..
مارتن : لانهاية للأمر..الشيطان سيعيش للأبد!
ولهذا..
اريد ان تنتهي حياة هذا البائس..
كي تنفك لعنته ويرتاح
- ابتلع العقيد غصته و تساءل بنبرة بها شيء من الاحتداد-
ماثيو : ولكن..لما؟ لما عليه ان يكون الشيطان اساسا؟ يمكنه التوقف فحسب!
- امال مارتن عنقه مفرقعا مفاصله كنايةً عن استسخافه للسؤال-
مارتن : انت لا تعلم فقط
ماثيو : كفى بحق! انت وهو تقولان العبارات ذاتها
متى سأعلم اذا؟ هلا يشرح لي احدكما وينهي معاناتي؟ انا حقا سئمت..انا ضائع! لم اعد افهم اي شيء
- اشتد احتداده وكاد ان ينهض الا ان مارتن امسك برسغه مانعا اياه من الحراك-
مارتن : اجلس..سوف..اخبرك بالقليل
انها قصة طويلة
- ارخى ماث عقدة حاجبيه و نظر نحوه مرتقبا ان يصدُقه الوعد-
مارتن : بدأ الامر قبل اثنا عشر عاما تقريبا..
- سرح ببصره نحو الجريح امامه و بدأ يسرد -
مارتن : في احد ازقة نيومكسيكو..
كنت اتعرض للضرب على يد مجموعة من المتنمرين
لنقل..كنت استحق..
لم اكن فتى جيد في بادئ الامر..
انا من سرق كُرتهم..ولكن رغم ذلك..
طال ضربهم و لم يستطع جسدي الهزيل رد سيل الضربات ذاك
كان حظي سيء لم استطع الهرب ايضا..كانو كُثر
- زم مارتن شفتيه وابتسم رافعا مقلتيه نحو الفراش-
مارتن : و هُنا التقيتهُ!
ذاكرتي ضبابية..لا اذكر مالذي حدث بالضبط
كل ما اذكره هو تلك اللحظة حين انحنى و مد كفه الي ثم سألني اذا ما كنت بخير
ماثيو : اومو اذا كُنتَ مراهقا شقياً هاه؟
مارتن : اجل للاسف..
اخبرك اني كنت اكثر مراهق شقي قد تراه قط
ماثيو : مازلت كذلك..
مارتن : اش اصمت..دعني اكمل
بعد ذلك..
اصبحت اراه بكثرة
بأماكن متفرقة من ازقة العاصمة
اصبحنا اصدقاء بسرعة..
كلانا كان لديه افعاله القذرة التي يخفيها عن ضوء النهار أنذاك
انا كنت اسرق المنازل السكنية و هو كان يوصل طرود المخدرات من الموردين للزبائن
- رمش ماث بصدمة و نظر نحوهما باستغراب-
ماثيو : وه طفولتكما مليئة بال..مغامرات
مارتن : هه مغامرات؟ قُلها بشكل واضح..
طفولة فاسقة!
ماثيو : احح حسنا لم اكن سأقول هذا..
لكن بما انك قُلته..كيف وصل بكما الحال هكذا؟
مارتن : انا كنت اعيش مع جدي بتلك الفترة و
جدي عجوز رث لديه محل تحف قديمة..
بالكاد يسُد رمقنا..المشكلة لا ادري من يبيع التحف في احياء فقيرة..لا احد سيشتري تلك التُرهات..
و ليو..حسنا..كان لديه شأن آخر
- دعك جبهته و نهض بخطى بطيئة يعدل سِتارة الغرفة
تاركا العقيد في لهفة لسماع التالي-
مارتن : كان تحت كنف رجل فاحش الثراء
"هيوغو مارتنيز"
ربما علمتَ بالأمر..كان مُتبنى
- اومئ ماثيو و عقد ذراعيه متكتفا-
ماثيو : اجل..اخبرني..
انهُ مجهول النسب و تبناه رجل سيء
- امال مارتن شفتيه بسخرية و ضحك -
مارتن : سيء قليلة بحقه!..لأوضح لك
كان تاجر مخدرات ذائع السيط انذاك حسنا؟
ولكنه كان ملاكا بطريقة ما
- رفع ماثيو حاجبه باستغراب ونظره بتساؤل-
ماثيو : كيف ذلك؟
- اتسعت الابتسامة الساخرة على ثغره و لوح بإصبعه دائرياً ثم اتبعها بغمزة وضّحتِ الامورَ للعقيد-
مارتن : تعلم ياه..الاموال
كان يبني المشافي ويتنبى الاطفال و يساهم في الجمعيات والخ
انه رجل ملائكي بحق..
لكن له جانباً خفياً لم يعلم به الا من عاشره بحق
- صمت المتحدث لثوان واتسعت بسمته مما جعل الشك يدب في ذهن العقيد و افصحت قسمات وجهه عن خوفه ذاك-
ماثيو : اي جانب؟.. ماذا تعني
- تلك البسمة و لعقة الشفاه..جعلت الامور اوضح قليلا لماثيو مما جعل عيناه تتسع قبل ان ينطق مارتن حتى-
مارتن : كان بيدو مريضا نفسياً..
ماثيو : احح اللعنة..
مارتن : مضحك صحيح؟
- قضم العقيد سفليته و نظر نحو الفراش بين انفاسه المبعثرة-
ماثيو : اللعنة عليه...كيف..اين القانون؟؟
- ضحك مارتن بعلو و ضرب فخذه-
مارتن : القانون..اهه..ماثيو..يؤسفني انك مازلتَ موهوماً
- ابتلع ثيو انفاسه و لاحق المتحدث بنظرات الصدمة خاصته-
ماثيو : لا تهزأ...اخبرني بالحقيقة مارتن..اريد ان اعلم..
مارتن : احح ليس لدي ما اخبرك به
يمكنني فقط ان اتابع القصة لأجلك
ماثيو : سأكون ممتناً
- تنهد مارتن و اتكئ الى جنبه-
مارتن : و امم حسنا..يقولون ان هيوغو مارتنيز مات على يد لص مجهول او لا ادري
ماثيو : وتفك؟ بتلك البساطة
- قهقه مارتن ثم نظر نحو ليو-
مارتن : قُتل بخنجر صغير...في ليلة مظلمة
ماثيو : اء..
مارتن : اجل..و من هنا بدأ كل شيء

شيطان/𝑫𝓮𝓿𝓲𝓵حيث تعيش القصص. اكتشف الآن