أسبوع من بعد حادثة القميص وأنا بحاول أتلاشى مواجهة جوزي، أو الكلام معاه، وهو كمان الصراحة كان متجاهلني تمامًا، حتى الاكل كان بياكل في الشغل، و يرجع ياخد دوش ويقعد شوية يكمل شغله وبعدين يدخل ينام، كانت حياتنا دوامة روتين دخلناها بموافقة ضمنية مننا إحنا الاتنين.في العادي والطبيعي عمري ما كنت هتحمل الخرس الزوجي ده، بس يمكن أنا ماكنتش حاسة بيه لأن دماغي كان فيها حرب دايرة بين ميت فكرة وأختها، وكلهم بيصرخوا في نفس الوقت، وأنا ما بينهم قربت أتجنن من الضياع اللي عايشة فيه ، وقت ضايع ومش لاقياه، ولا لاقية نتيجته، ولا حتى الحاجة اللي عملتها فيه، كل ده كنت بفكر فيه وأنا قاعدة في زاوية كنبة الأنتريه في الضلمة وببص لـ "يونس" جوزي اللي قاعد على كرسي مكتبه ومركز في الورق اللي قدامه لساعات طويلة، لدرجة إن ساعة نومه المقدسة عدت من ساعة وهو ولا حاسس بأي وقت.
النوم اللي كان مخاصمني لأسبوع؛ أخيرًا قرر يصالحني دلوقتي، وأنا من إرهاقي محاولتش أجادل ولا أقاوم، فاستسلمت له ونمت في مكاني زي ما أنا قاعدة.
يدوب عينيا غفلت لحظة، ولقيت "يونس" بيشدني بكل قوته يجرجرني على الأرض وهو بيصرخ :
- قومي... إنتي تعملي المصيبة وتنامي؟!.. أنا مستحمل كل عتهك ده عشان العشرة اللي بينا، لكن لحد هنا والكيل طفح.
صدمة وذهول لجموا جسمي، وربطوا لساني؛ حتى عينيا كانت هتخرج من مكانها وهي بتبصله برعب، واستنجاد في نفس الوقت، عايزاه يفهمني إيه اللي بيحصل، وإيه القسوة اللي هو فيها دي، ده "يونس" جوزي اللي كان لما يصحى ويلاقيني لسه نايمة يسيبني ويجهز حاجته، ويحضرلي فطاري قبل ما ينزل مع ورقة مكتوب فيها "بحبك "؟!.. ده "يونس" اللي كان بيخاف عليا من نسمة هوا معدية؟!.. ده "يونس"، اللي وعدني بالأمان؟!.. إيه اللي غيره ميه وتمانين درجة كده؟!.. جاب القسوة والجحود دول كلهم منين؟عنينا الجاحظة كانت شايفاه وحش كاسر، قرب مني يخنقني، ويسحب كل الهوا من مجال تنفسي وهو بيقرب مني وايده بتعصر دراعي لدرجة إني سمعت صوت فرقعة عضمي تحت إيده، لكنه لا كان سامع ولا شايف دموعي اللي غرقت وشي وهو بيزعقلي :
- هبلك ودروشتك دي قابلها وراضي بيها طول ماهي جوه الأربع حيطان دول، طول ما عدتش عتبة البيت ده.
كلامه كان كرباچ بيجلدني، إنما ضعفي اللي سيطر عليا ونهش كل ذرة في جسمي كان طوق من نار بيلف رقبتي اللي صوتي اتحبس جوه حنجرتها، عكس صوته اللي زلزل جدران الشقة وهو بيشدني يوقفني ويسحبني ناحية مكتبه وهو بيشاولي بإيده وبيصرخ :
- شقا وتعب وسهر ست شهور ضايعتيه في لحظة، مشروع خد كل ذرة في تفكيري قطعتيه وقطعتيني معاه بسكينة تلمة، موافقات وتأشيرات طلع عين أهلي عشان أخدها حرقتيها وحرقتي قلبي معاها، بيتي اللي كنت شايفه قلعة حصينة، وأمنته عن مكتبي الطعنة ما تجيليش غير منه، والخيانة ما تعيشش غير فيه.
كلام عقلي رافض يصدقه رغم إنه استوعب كل حرف فيه، وعينيا أخيرًا قدرت تتخلى عن عينيه وتتحرر منها وتروح ناحية المكتب اللي كان فوضى بشكل غريب، كل أوراق "يونس" وملفاته متقطعة، وكتير منها محروق.قلبي اتقبض، وايدي اترعشت في ايد "يونس" اللي سابها بغضب وهو بيبص لمكتبه بحسرة ووجع ماقلش عنهم وجعي وحسرتي على تعبه وحلمنا اللي كان بيكبر جوه قلوبنا يوم بعد يوم، ايدي حاولت تجمع الورق اللي كانت تقطيعته غريبة جدًا، الورق كله متقطع على شكل نجوم سداسية و مثلثات، هزيت راسي بدهشة وأنا ببص في الورق اللي مهما حاولت أجمعه مش عارفة، كل ورقة فيه ناقصة جزء مهم.
سيبت الورق اللي كنت رصاه على سطح المكتب، وروحت ناحية الورق المحروق، و اللي كان محروق في صينية كتب كتابنا الفضة، واللي كان محفور فيها أسماءنا وتاريخ خطوبتنا وكتب كتابنا؛ حتى تاريخ فرحنا.
مسكت الصينية بين إيدينا بحسرة ولقيتها لسه سخنة، بس حرارتها كنت قادرة أتحملها، قلبت الصينية بين إيديا وأنا برمي الورق المحروق في باسكت الزبالة وبمحسها وقلبي بيتعصر على كل ذكرياتنا الحلوة اللي بقت أسوأ كوابيس "يونس" اللي كان بيبصلي بيأس واستسلام تملك من كل مشاعره.
رفعت الصينية قصادي أنضفها ودموعي مغيبة رؤيتي، عشان ألاقي كل ذكرياتنا المحفورة على الصينية ممسوحة، الصينية ملساء، مفيش غير كلمة واحدة بس اللي مكتوبة في نص الصينية بالظبط و بخط إسود كبير
- "وعـد".#يتبع
#فجوة_زمنية
#تعويذة_الهوى
#فاطمة_علي_محمد
#روائية_الراديو
#بلغني_أيها_القلب_السعيد
#كلمة_ع_الماشي
أنت تقرأ
فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد
Fantasyإنسية تدخل فجوة زمنية ومنها إلى العالم السفلي، لتكتشف أن زوجها وحش شيطاني، بينما ملك الجان كان ملاكًا حارسًا لها.