الفصل الخامس عشر من الجزء الثاني

407 31 15
                                    

#فجوة_زمنية (تعويذة الهوى ) الجزء الثاني.
الحلقة الخامسة عشرة.

النظرات المصدومة للجميع كانت متوجهة ناحية "يونس" اللي اترمي على الأرض بصدره المشقوق واللي بيندفع منه الدم بشكل قوي، لدرجة إنه غطى  كل الأرض حواليه، إنما "فولاك" كانت أنظاره في مكان تاني خالص، فكانت متعلقة بـ "نور" اللي كانت فاتحة فمها بصدمة، في محاولة منها إنها تحرر أي صرخة تطرد بيها خوفها وذعرها اللي كلبش قلبها، لكنها فشلت في ده، زي ما فشلت في الحفاظ على وعيها أكتر من كده، ففي لحظات كانت مايلة بجسمها ناحية الأرض مستسلمة تمامًا لإغمائها اللي ساحبها جوه دوامته.

"فولاك" أقسم في اللحظة دي إن يكون مرساها هو حضنه، وفعلًا مجرد ما مالت بجذعها، كان جنبها نازل على ركبته، عشان يتلقاها بين دراعاته، ويضمها لصدره بقوة، قبل ما يقوم من مكانه متجه بيها لغرفتها وهو بيصرخ بالطبيب "أوتو":
  - تعالى بسرعة.

التفت "أوتو" بأنظاره اللي كانت متابعة لـ "يونس" ناحية "فولاك"، عشان يشوفه وهو بيركض ناحية غرفة "نور"، وجري وراه مباشرة.

زي المجنون كان شايلها "فولاك" وهو بيطوف معالمها الساكنة رغم الأسى اللي كان يكسوها ، عشان يدخل غرفتها متجهة ناحية سريرها، اللي وضعها أعلاه بكل رفق، وكفه كان أسفل راسها، لحد ما استقرت تمامًا على الفراش، فشال ايده وهو بيبص لـ "أوتو" اللي رفع حقيبته عن كتفه وهو بيفتحها يخرج منها الأدوية اللازمة.

أخيرًا مال "أوتو" ناحية "نور" يقرب من أنفها عقار لاستثارة وعيها تحت أنظار "فولاك" القلقة، لكن "نور" كانت رافضة الاستجابة تمامًا، كأنها استسلمت عن طيب خاطر لمصيرها ده.

التوتر والقلق كانوا مسيطرين سيطرة تامة على "فولاك" اللي كان متماسك لأبعد حد، واللي حس بتأنيب ضمير قوي لأنه السبب في وصولها للحالة دي، التزامه الصمت وتظاهره بالاستسلام للمحاكمة، وكتمان خطته عنها؛ شافه في الوقت ده سبب قوي لانهيارها، شاف إنه كان ممكن يلاقي مليون حل من غير ما يعرضها للموقف ده، لكن ضيق الوقت كان محجم تفكيره لأقصى حد.

كل الأفكار دي كانت بتعصف بعقل "فولاك" وهو متابع ملامح "نور" اللي بتقاوم العودة لوعيها، عشان يبص لـ "أوتو" بغضب وهو بيقوله :
  - العقار ده ضعيف، شوف حاجة أقوى تفوقها.
 
بصله "أوتو" بتوجس وهو بيقوله :
  - الأقوى هيعمل ضيق في التنفس جلالتك، هحاول أستخدم طريقة تانية، بس المشكلة إن الإنسية بتقاوم المحفز، وبترفض الوعي، بتهرب من الواقع، لأنها دخلت في صدمة نفسية، واختارت من انهيارها حصن أمان.
 
حصن أمان غيره!
حزن قوي اعتصر قلب "فولاك" مجرد إحساسه إنه أصبح خوف، وتهديد لحياة معشوقته، عشان يتخذ قراره بعودتها لعالمها بمجرد تعافيها، فرجع بأنظاره ناحيتها مرة تانية، وايده بتقرب من جانب خدها تمسح خط طويل من دموعها المنسابة بغزارة وهو بيتنفس بصعوبة، عشان  يسحب "أوتو" من شنطته علبة صغيرة، يفتحها وياخد منها إبرة رفيعة جدًا، وابتدى يعقم سنها بمحلول شفاف، قبل ما يسحب كفها وهو بيقرأ تعويذة خافتة ظهر بعدها خط رفيع جدًا في باطن كفها.

فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن