الفصل السادس

346 21 0
                                    


مجرد ما نطق "يونس" اسمي اتسحبت جوه دوامة من اللاوعي، واتحاوطت بهالة عجيبة عزلتني عنهم تمامًا رغم إنهم قدامي وشايفاهم حتى لو بشكل ضبابي، إنما أصواتهم وكلامهم كان غريب، كان صداه قوي كأنه جاي من بير عميق.

لحظات قليلة عيشتها في الحالة دي قبل ما أحس برجفة قوية في قلبي، كأني بقع من فوق جبل عالي، عشان فجأة ألاقي نفسي بتسحب بقوة جبارة جوه أسطوانة إزاز ضيقة، الصرخة محبوسة جوه حلقي مش قادرة أحررها، ووجعي كان وحش جعان بينهش جسمي بكل شراهة، الهوا في الانبوبة بيقل، والضغط بيزيد، وألمي بيتضاعف.

روحي بتتسحب حرفيًا، مش عايزة أموت دلوقتي، عايزة أفهم كل حاجة الأول، أفهم اللي حصل واللي بيحصل، فضلت أقاوم بكل طاقتي اللي بتخلص أساسًا، لكن كل حاجة كانت أقوى مني، بس آخر حاجة فاكراها قبل ما استسلم لمصيري، كانت خبطة قوية على أرض صلبة.

مش عارفة الوقت اللي عدى كان قد إيه، دقايق، ساعات، ولا حتى أيام! ؛ وأنا بفتح عيني بألم أستكشف المكان حوليا، فتحتهم  لآخرهم أحاول أخترق الضلمة اللي عايشة فيها دي لكني فشلت، مديت ايدي ألمس الأرض جمبي في محاولة فاشلة مني لاكتشاف أي حاجة عن طبيعة المكان اللي أنا فيه ، لكن فجأة دب في قلبي خوف شديد بقبضة قوية خليتي أغمض عينيا وأنا بدفن راسي بين رجليا وبغطيهم بإيديا بشكل تلقائي.

دموعي اللي ما كنتش قادرة أسيطر عليها كانت بتحرق جلدي بشكل أول مرة أجربه، كأنه كان عقاب لعياطي ده، ألم شديد أجبرني إني أحبس دموعي وأنا بكتم بإيدي شهقة ألم قوية لحد ما حسيت بتيار هوا شديد حرك جسمي بقوة خبطتني في حيطة باردة.

مجرد ما جسمي لمس الحيطة دي حسيت بالدم اتجمد في عروقي، وكل جسمي اتحول للوح تلج، يمكن قلبي بس اللي كان محتفظ بحرارته ونبضاته اللي كنت سمعاها بتصرخ مع كل تيار هوا بيهب في المكان، لحد ما في لحظة عم السكون ، وحرارة جسمي رجعت طبيعية وبشكل سريع جدًا، حتى دقات قلبي انتظمت والخوف اللي كان ماليه اتشال منه.

بدأت أفك ايديا بحذر شديد وأنا برفع راسي اللي عينيا سبقتها بلهفة وفضول لكشف حقيقة كل اللي دار حواليها.

صدمة قوية سيطرت على جسمي اللي أخد الإشارة من عدسة عيني اللي ابتدت توسع وهي بتطوف المكان  اللي كان عبارة عن جبال جليد شفافة مدببة محوطاني من كل اتجاه، رفعت راسي لفوق أحاول أجيب آخرها لكني فشلت كالعادة.

على قمة جبل منهم كان فيه حاجة بتتحرك ناحيتي، وكل ما تقرب كل ما تكبر وهيئتها توضح أكتر، لحد ما قرب مني وهيئته كاملة ظهرت، الشكل بشري لحد ما بس الحجم عشرين ضعف البشر العاديين، اللبس؛ قفطان طويل مغطي راسه ونص وشه، أما الصوت فكان بيرن في المكان بلغة غريبة مش فاهماها.

مفيش ذرة خوف واحدة دخلت قلبي، كأني ودعت أخر طيف ليه من شوية، وقفت بكل طاقتي وأنا برفع راسي لفوق وبقوله :
  - أنا فين؟.. وإنت مين؟
 
صدى صوته رن تاني وبنفس اللغة اللي ما مرتش عليا في أي فيلم ولا مسلسل شوفته قبل كده، هزيت راسي أأكد له كلامي إني مش فاهماه وأنا بقوله :
  - مش فاهمة بتقول إيه.
 
طار حوليا لدقايق، ومع كل لفة كان حجمه بيقل، لحد ما وصل لحجم وطول مقبول لحد ما، ومن تاني صدى صوته رن في المكان بس المرة دي بلغة ولهجة عربية مصرية:
  - الملك "فولاك" ابن الملك "برقان" ملك الجان
 
طريقته في التعريف عن نفسه بصوته الجهوري كانت كفيلة إنها تدب الرهبة جوه قلبي اللي اتقبض للحظة واحدة وأنا بقوله بصوت مهزوز :
  - و ملك الجان عايز مني إيه؟.. وإحنا فين؟

فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن