الفصل التاسع عشر من الجزء الثاني.

407 27 13
                                    

#فجوة_زمنية (تعويذة الهوى) الجزء الثاني.
الحلقة التاسعة عشرة.

تلاشت إبتسامة "نور" تدريجيًا وهي بتبصلها بصدمة كبيرة وبتردد بسخرية :
  - "مويرا"؟!.. خطيبة جلالة الملك "فولاك"!

وخطت خطوة ناحيتها وهي بتقولها باستنكار قوي :
  - إنتِ بقا اللي عشقك "يونس"؟!.. إنتِ اللي خربتي ودمرتي حياتي؟!

شدت "مويرا" جسدها بزهو وكبرياء صامت، عشان تمط "نور" شفايفها بسخرية وهي بتكمل كلامها بتهكم قوي:
  - فرحانة بإنجازك!.. افرحي بس مش قوي، لأن "يونس" مش الراجل اللي الواحدة فينا تفتخر إنه جوزها، وده مش عشان وحش.. خالص.

واشتعلت أنظار "نور" غضبًا، واحتد صوتها كنصل سيف بطار وهي بتسترسل:
  - ده عشان خاين، جري ورا أهواؤه، وحب جنية مش تمام زيك.. بس والله تستاهلوا بعض، ماهو الخبيثين للخبيثات، وإنتِ ما شاء الخبث بينط من عينيكي، رغم جمالك اللي يسحر ده، واللي أنا شخصيًا انبهرت بيه للحظة.

ابتسمت "مويرا" ابتسامة ساحرة، خلابة وهي بتعيد خصلات شعرها للخلف وبتقولها بلا مبالاة:
  - الإنسي كان مجرد نزوة عابرة في حياتي، وبعد توسل وتذلل كتير منه، حاول معايا أكتر من مرة.. وأنا أهانته، لكنه كان متلذذ بالإهانة دي، وأنا كمان حبيت خضوعه ليا، وتذلله قدامي عشان بس أبص له نظرة رضا، كان مستعد يعمل أي حاجة عشاني، لدرجة إنه اختار الموت في سبيل إنه يحافظ على قلبي، لكنه في الآخر كان إنسي وضيع، إنما خطيبي واللي إنتِ مرافقاه حاليًا فهو جلالة الملك "فولاك"، اللي كل نساء الأرض تتمنى قربه، وإنتِ واحدة منهم.

اشتعل الغضب بأوردة "نور"، وده ظهر جليًا على عروق عنقها النافرة، واللي لمحها "فولاك"، اللي ما كنتش أقل منها غضب، فإن كان لـ "نور" تار مع "مويرا"، فلـ "فولاك" العديد، فاتحرك ناحيتها بخطوات سريعة، وهو بيسحبها من دراعها ناحيته بكل قوة، عشان تصطدم بصدره بتقرب حميمي منها، ونظرات هائمة تصارع نظراته الساخطة وهو بيصك على أسنانه بكل غضب مرددًا :
  - جاية ليه يا "مويرا"؟

رفعت ايدها تتلمس عضلات صدره البارزة وهي بتجاوبه بنبرة عاشقة :
  - جاية أرجع خطيبي، بس لازم أعتذر له الأول، واعترف بغلطي قدامه، وأقوله إني ضعفت، واستسلمت في لحظة طيش مني، أو نسميها لحظة غرور، كان عاجبني خضوعه ليا، في عز كبرياءك، ورفضك لتقربي منك، غلطت.. وبطلب منك العفو.

عيونه القادحة بنيران الغضب كان بتطوف معالمها بتهكم وسخرية قوية، عشان يصمت للحظات طويلة قبل ما يجاوبها باستنكار شديد:
  - عفو!.. تفتكري الملك "فولاك" ابن جلالة الملك "برقان" يغفر خطيئة زي الخيانة؟! ، يغفر إن راجل يلهو بمتتلكاته! ، يغفر إن شريكته تشوف أي مخلوق غيره؟!
 
تعمقت "مويرا" بأطراف أناملها أسفل قميصه، ظنًا منها أنها تلهو بأوتار قلبه العاشق، وهي تردد :
  - بس "فولاك" اللي حب "مويرا"، واللي أقسم إنه يحافظ عليها حتى من شيطانه؛  يقدر يغفر، ويسامح.
 
تصارعت دقات قلب "نور" بقسوة ما بين العشق، والغيرة، وبين الصدمة والتوتر وهي بتطوف يد "مويرا" اللاهية بمتتلكاتها الآن، لتوقفها قبضة "فولاك" القوية، اللي اعتصرتها بكل غضب، ينفضها بعيد عنه وهو بيقول لها:
  - مش "فولاك" اللي حب "مويرا" هو اللي كان بيحافظ عليها، ده كبرياء الملك "فولاك" هو اللي كان رافض علاقة بدون زواج خاصة مع أميرة كان زواجه منها مصالح مشتركة مش أكتر.
 
وحرر ايدها من قبضته وبالأخرى سحب ايد "نور" برفق، يضعها موضع خافقه مرددًا :
  - إنما ده.. عمره ما نبض، ولا ثار غير للإنسية "نور".. الأنثى الوحيدة في الكون اللي شفتها ملكة على عرشه، وشفتني أسير  لعشقها.. ودي الوحيدة اللي قاموسها موجودة فيه كل مصطلحات الملكية الخاصة، والغفران التام، والعشق الجامح.
 
تاهت "نور" في أحداق "فولاك" بجواد العشق الشارد، وهي تستشعر صرخات خافقه أسفل كفها، ليُجيبه خافقها بآيات عشق صارخة، أشعلت غضب "مويرا" التي كانت تطوفهم بحقد قوي قبل ما تصيح به:
  - ودي ما تتسماش خيانة؟.. لما تعشق أنثى تانية وفيه جنية مكتوب على اسمك، ما اسميهاش خيانة يا جلالة الملك؟!
 
أتاها الجواب، لكنه من شخص آخر تمامًا، فـ "هيرينا" كانت قد اقتحمت الغرفة لتوها للاطمئنان على "شمس الأخاديد" عشان تجاوبها بحدة :
  - ما اسمهاش خيانة يا سمو الأميرة.
 
التفت الكل بأنظاره ناحية "هيرينا"، عشان تسحب "نور" ايدها من ايد "فولاك" بتوتر قوي، في نفس اللحظة اللي قربت منهم "هيرينا" وهي بتعقد ساعديها قدام صدرها بلا مبالاة، وبتكمل كلامها بتهكم قوي :
  - الخيانة دي لما يكون فيه علاقة بينك وبين جلالة الملك يا "مويرا"، وعلى ما أتذكر إن خطبتكم لاغية بأمر محكمة.. المحكمة اللي أثبتت خيانتك.
 
اتسعت ابتسامة "مويرا" وهي بتقرب من" هيرينا" تواجهها بتحدي قوي، وكبرياء أقوى مرددة بسخرية هادئة:
  - محكمة إيه اللي أثبتت خيانتي يا سمو الأميرة؟!.. ما افتكرش إن فعل الخيانة تم إثباته، وإن كان إتحكم عليا بالنفي، فده عشان سلطة وتجبر "فولاك"، مش عشان عدالة المحكمة.. وإن كنت انتحرت فكبريائي كان السبب.
 
"فولاك" كان بيتابع حديث "مويرا" و "هيرينا" بشرود تام، فتفكيره كان بمحل آخر، ربما تسوق الأقدار "نور" إليه، أما "نور" فكانت نبضات قلبها القوية ثائرة خوفًا من القادم، فتلك الجنية التي استطاعت كسب فؤاد زوجها، ربما تسيطر على عقل معشوقها بتعويذة خاصة، عشان تزفر زفرة قوية وهي بتابع كلام "هيرينا" الساخر :
  - والإنسي اللي اعترف قدام المحكمة الكبرى إنه عشقك، وضحى بنفسه عشانك.
 
تعالت ضحكات "مويرا" الساخرة وهي بتجاوبها بتقطع من بينها :
  - الإنسي؟!..
 
وبلحظات استعادت اتزان صوتها مرة أخرى وهي بتسترسل بزهو شديد:
  - أظن مش ذنبي إنه عشقني!.. وكمان مش ذنبي إنه ضحى بروحه عشاني.. ومش هو بس على فكرة..
 
وقربت منها تهمس جوارها بصوت مسموع وصل لمسامع ثلاثتهم :
  - "نيرون" كمان عشقني.. ولف العالم بس عشان يحافظ على جسمي زي ماهو، وكان بيجيلي كل يوم يحكيلي عن أحداث يومه، ويتغزل في جمالي رغم إني جثة محفوظة في محلول جوه تابوت... شفتي بيضعفوا قدامي إزاي؟!
 
اشتعل غضب "هيرينا" كـ "فولاك" اللي برقت عيونه بنيران الحقد والغل، وهو بيسحب ايدها ناحية الخارج بكل قوته، صارخًا :
  - روحي لـ "نيرون" اللي عشقك وحافظ على جسمك طول الوقت ده، هو أولى جن بيكي.. وياريت تسيبي المملكة وتروحي معاه، أو ترجعي مملكتك وأنا كفيل بعمل هدنة بين شعبك والعفاريت.
 
جاهدت "مويرا" لحفظ توازنها، عشان تستقر أخيرًا بعيدًا عنه وهي ترمقه بغضب قوي، وبتقوله:
  - لو كنت عايزة "نيرون" ما كنتش هتشوفني قدامك، لو كنت ناوية أسيب قصري ما كنتش رجعت أدور على حقي فيك يا "فولاك".. حقي اللي مش هسيبه.
 
دفع "فولاك" الباب في وجهها بكل قوته، وهو بيستدير بجسمه، عشان يكون مواجه لـ "مويرا" و"نور" اللي ابتدى القلق يكسو ملامحها.

فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن