الخاتمة للجزء الثاني.

608 32 27
                                    

#فجوة_زمنية (تعويذة الهوى ) الجزء الثاني.
الخاتمة.

عدى أسبوع كانت فيه حالة "نيرون" غير مستقرة تمامًا، فجسده الهلامي ابتدى يضعف بشكل قوي، و"أوتو" بذل أقصى جهد عنده، واستخدم كل العقاقير الممكنة، وبحث في بلاد المشرق والمغرب عن أي دوا لحالته دي، لكن للأسف ما كانش فيه أي فايدة، أما "فولاك" فكان ملازمه أغلب الوقت، يدوب يسيبه دقايق بسيطة ويرجع تاني عشان يهتم بيه وبنضافته، ويفضل جنب يتضرع للمولى بالدعاء، وده اللي كان بيحصل في الوقت ده.

"فولاك" قاعد على المقعد المجاور للفراش بيتأمل ملامح "نيرون" المبهمة بأسى وهو بيقوله بشجن :
  - عمري ما كنت أصدق إنك توصل للحالة دي في يوم، كنت دايمًا شايفك قوي وشجاع، ومابتهابش حد ولا حاجة، أنا مش معترض على مرضك ولا موتك حتى لأننا كلنا زوار للدنيا دي، ومسيرنا نروح لدار الحق، لكني مش عايزة الصورة دي تكون آخر صورة ليك في ذاكرتي يا "نيرون"، اتمسك بالحياة، ماتسمحش لجسمك ينهار بالشكل ده، ارجع تاني لطبيعتك.

وانفرجت ابتسامة خفيفة تزين محيا "فولاك" وهو بيتنهد بقوة وبيقوله :
  - تعرف وإنت صغير كنت متفوق عليا في الوسامة، وكنت بحب أبصلك، كانت ملامحك بريئة بشكل يخلي الكل مايقدرش يشيل عينيه عنك، عينيك كان فيها رضا عجيب، كانت بتضحك حتى عز خناقنا، بس لما كبرت اختفت الإبتسامة دي، وبرائتك اتخبت ورا رعونتك، لكني واثق إنها لسه جواك، حتى لو عليها شوية عُفار.

في اللحظة دي تعالت طرقات بباب الغرفة قطعت حديث "فولاك" عشان يلتفت ناحيته، ويلاقي "مويرا" داخلة وفي إيديها علبة معدنية متوسطة الحجم وهي بتهرول ناحيتهم مرددة :
  - إيه أخبار "نيرون"؟

بصلها "فولاك" بصدمة وهو بيقولها :
  - كنتِ فين طول الأسبوع ده يا "مويرا"؟!.. اختفيتي بشكل مفاجيء ومحدش قدر يوصلك.

وضعت "مويرا" ما بيدها على الطاولة المجاورة للطرف الآخر من سرير "نيرون" وهي بتفتحها وبتقوله :
  - كنت في مملكة البحور الخمسة، بحضر التركيبة دي.

نهض" فولاك" من مكانه باستغراب وهو بيبص لـ "مويرا" اللي ابتدت تاخد مادة دهنية لزجة من الصندوق، تدلكها بين إيديها بقوة لترتفع درجة حرارتها، ومن بعدها تدلك كتلة جسد "نيرون" اللي مش باين لها أي ملامح وهي بتقوله :
  - دي تركيبة من قيء الحوت الأكبر، بتخرج منه مرة واحدة كل خمس سنين، والحوت كان مريض الفترة دي، فاضطريت أعالجه الأول ومن بعدها أخد القيء ده، وأحط معاه أمصال وعقاقير من أملاح البحور الخمسة.

ضيق "فولاك" عينيه بدهشة وهو بيسألها:
  - وده هيعمله إيه؟!

أخدت "مويرا" مرة أخرى من الدهان ودلكته بين إيديها، ودهنت جسم "نيرون" وهي بتقول لـ "فولاك":
  - خد من الدهان ده وإعمل زي ما بعمل بالظبط، لازم كل خلية في جسم "نيرون" تشرب الدهان ده عشان يتعاد بُناها من جديد، بسرعة يا "فولاك"، مابقاش قدامنا وقت.

مد "فولاك" ايده وأخد من الدهان وقلد كل خطوات "مويرا" وهو بيقولها :
  - ارفعي ايدك يا "مويرا"، أنا هكمل تدليك لجسمه.

فهمت "مويرا" مقصد "فولاك"، فرددت وهي تدلك موضع كتف "نيرون":
  - شكلك ما تعرفش إن "نيرون"  كان محتفظ بجسمي عاري في محلول حفظ، وجيه الوقت إني أردله جميله بالظبط، بس على العموم كمل إنت بكل طاقتك على ما أحضرله المصل اللي هيتحقن بيه.. وزي ما قولتلك كل خلايا جسمه تتشرب بالدهان.

استمر "فولاك"  في تدليك جسد "نيرون" بكل طاقته من أسفل شرشفه الساتر، في نفس الوقت اللي أتجهت "مويرا" لركن بعيد من الغرفة، تخرج من بين طيات ثيابها عدة قناني زجاجية صغيرة، وهي تتنهد بتنهيدة حارة.

فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن