الفصل التاسع والأخير من الجزء الأول

492 26 5
                                    


واخدة ركن في جنب السرير، ضامة نفسي بإيديا بقوة وشكل "يونس" وهو ماسك الخنجر عشان يقتل "فولاك" مش راضي يتخلى عن مكانه جوه عينيا؛ حتى لو غمضتها، المشهد بيكون أفظع وأبشع، إنما لو إرهاقي وتعبي تمكنوا مني والنوم غلبني، فبعيش جوه كوابيس بتقبض روحي.

الأوضة كانت محرابي لوقت طويل مر عليّا من غير "فولاك" اللي مش عارفة حصله إيه؛ حتى شعب مملكته كله مكتوف الإيدين، لا وصله أخبار، ولا عارف يخترق الفجوة الزمنية اللي بين العالمين ويخرج يطمن على ملكهم اللي كل المؤشرات في المملكة بتقول إنه مات.

الحزن والعطش ابتدى يأثر بشكل قوي على الجميع ، مفيش أي مايه بتدخل المملكة من يوم ما "فولاك" اختفى،  وعشيرته اللي كانت بتخرج بره المملكة تشرب وترجع اتحبست جوه أرضها اللي سكانها نفسهم قربوا يتجمدوا، لولا نظام العزل والتدفئة اللي عامله "فولاك" لأوضته واللي أنا مُقيمة فيها طول الوقت كان زماني مُت متجمدة، لكن في الأحوال فرص النجاة بالنسبالي ابتدت تقل وتضعف.

الخوف جوايا ما كنش من الموت، إنما كان من إني أموت في أرض غريبة، في عالم آخر غير العالم بتاعي، خرجني من كل تفكيري ويأسي ده صوت الحارس المكلف بحمايتي، واللي كان بيتكلم بلغتهم، اللي اتصدمت لما فهمتها بكل سهولة.

اتنفضت من مكاني بلهفة وأنا بسمح له بالدخول، عشان يدخل وهو بيقولي :
  - مولاتي، أنا "خوان" خادمك، الملك "فولاك" وصاني قبل ما يغادر المملكة إني أفك شفرة اللغة في حال إتأخر في العودة للملكة، و كان مديني أمر إني أرجعك أرضك تاني، لكن للأسف المجال بين العالمين مقفول حاليًا لأول مرة، ولأسباب إحنا ما نعرفهاش.

جريت بلهفة ناحيته وأنا بسأله :
  - طب والملك "فولاك" مفيش أي أخبار عنه؟

انحنى الخادم براسه بحزن شديد وهو بيقولي :
  - للأسف كل طرق التواصل مع جلالة الملك "فولاك" فشلت، كل محاولاتنا لاختراق المجال فشلت، وفيه مننا كتير اتحرق بسبب المحاولات دي.

حسيت بقبضة قوية عصرت قلبي اللي دقاته زادت بشكل مفاجيء، لكن" خوان" كمل كلامه بنبرة يأس خرجتني من حالتي دي لحالة أكتر سوء :
  - وللأسف مملكتنا اتحكم عليها بالإبادة، كل المخلوقات الحية على الأرض دي هتتباد.. أنا بعتذر إني مقدرتش أوفي بوعدي لجلالة الملك، الحكم لكي مولاتي لفشلي.

آخر بيبان الأمل قفلها "خوان" في وشي، وبيطلب مني بكل استسلام إني أحكم عليه لفشله، أحكم بإيه وكلنا هالكين، اتنهدت بتوتر وأنا بقوله :
  - طب مفيش أي حل خالص لمشكلة الماية دي؟

هز "خوان" رأسه بحزن وهو بيقولي :
  - المشكلة ما بقيتش مايه بس يا مولاتي، الأكل كمان اتجمد، الأطفال اتجمدت تمامًا ودخلت جوه جبال الجليد، معالم الحياة هنا ابتدت تتلاشى، ده غير إننا محبوسين يعني مفيش أي مهرب.

سحبت نفس قوي وأنا بغمض عينيا بتفكير وبقول جوايا :
  - ضاقت ولما استحكمت حلقاتها فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج.. يارب عندي يقين بقدرتك، كلنا عبادك يارب، وكلنا مخلوقاتك، يارب حلها من عندك يارب.
 
خرجت النفس وأنا بفتح عيني وبقول لـ "خوان" :
  - عايزة أتكلم معاهم.
 
هز "خوان" راسه برفض وهو بيقولي :
  - ما ينفعش تخرجي من أوضتك يا مولاتي، هتتجمدي.
 
لفيت بعينيا في الأوضة كلها ببصة سريعة، أدور على أي حاجة ألبسها وتكون تقيلة، لحد ما لقيت عباية رجالي مبطنه فرو، مشيت ناحيتها وأخدتها لفيت نفسي فيها وأنا بقوله :
  - هلبس عباية الملك "فولاك"، هتدفيني شوية.

فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن