غمضت عينيا بقوة أتخلص من كل الدموع اللي ملياها، ورجعت فتحتها تاني عشان أتحقق من شكل الصينية وأنا بقول لنفسي
أكيد ده وهم مش أكتر، بس للأسف الوهم الحقيقي هو الكلام اللي كنت بقوله ده، لأني مجرد ما فتحت عينيا لقيت الكلمة ظاهرة وبكل وضوح ، "وعـد" واضحة وضوح الشمس، ومكتوبة بخط مزخف ودقيق جدًا، أقسم لكم إنها مكتوبة بإيد فنان مبدع.مديت ايدي اللي بتترعش تمسح الكلمة، لكنها زادت وضوح، حفرها كنت حساه، لكنه كان غريب، عكس أي حفر على الفضة شفته قبل كده، رفعت عينيا ناحية "يونس" اللي غضبه كان طوق نار مطوق جسمه كله، لدرجة إنه ما كانش متحمل عينيه تيجي في عينيا ودور وشه بعيد عني، لكني رفعت الصينية قصاده من غير ما أنطق حرف.
لحظات عدت وايدي متسمرة بالصينية قصاد "يونس" اللي أخيرًا رفع عينه ناحيتها بنظرة غضبها بدأ يفك سلاسله تدريجيًا، كنت متراهنة مع نفسي على الصدمة اللي هتكون على وشه وفعلًا كسبت الرهان، والصدمة سيطرت على كل ملامحه وهو بيضيق عينيه بتركيز وبيرفع ايده يشد الصينية مني ويدقق فيها بقوة وهو بيهز راسه وبيقولي:
- إيه ده؟!.. وعـد إيه؟.. مش المفروض إن دي صينية كتب كتابنا، ولا دي واحدة شكلها؟
رديت عليه بصوت ثابت مستنكر :
- لا مش واحدة شكلها، دي هي بذات نفسها، بص على ايديها المكسورة، نفس الكسر في نفس المكان من يوم كتب الكتاب لما وقعت مني.
ميل الصينية شوية وبص على ايدها المكسورة وهو بيقولي بصدمة :
- دي فعلًا صينيتنا، بس إزاي؟!.. وفين أسماءنا، ومين كتب الكلمة دي؟
اتنهدت بوجع شق قلبي وأنا بقعد على كرسي المكتب وببص لـ "يونس" بلوم وألم قدر يفهم معناه كويس، حط الصينية على المكتب وجه ناحيتي بخطوات تقيلة تقدم رجل وتأخر التانية لحد ما وقف قدامي ولسانه متجلم مش عارف ينطق كلمة.
- "يونس" مش جديد عليا، عارفاه لما يكون غلطان ويحس بالندم ما بيعرفش يعبر ولا يعتذر، وده كنت متفهماه طول سنين جوازنا، وكنت بعفيه من الحرج وبسامح وببادر بالكلام، لكن المرة دي غير، قلبي اتشرخ وصعب يلم ويصفاله دلوقتي خالص، إنما إحنا في مشكلة كبيرة مش فاهمين هتاخدنا لفين، ولازم نقف مع بعض ونحلها.كل الكلام ده بفكر فيه وأنا واخدة قراري بالجمود والصمود اللي إيد "يونس" اللي ملست على شعري بحنية الدنيا وهو بيهمس بندم :
- حق عليا.. انا غلطان
كانت هتفتت الجمود ده ألف حتة لولا وجع دراعي اللي صرخ، فكرني بقسوته وجبروته، وفكرني بنفسي وقيمتها، سحبت نفس قوي وأنا ببعد راسي عنه وبقوله :
- خلينا في اللي إحنا فيه دلوقتي، إحنا مش عارفين مين اللي قطع أوراقك وحرقها، ولا أنا فاهمة الوقت اللي بيضيع في يومي ده بيروح فين!، ولا حتى متأكدة إذا كنت أنا اللي عملت كده ولا حد تاني، بس مين اللي هيدخل بيتنا ويعمل كده.
نزل "يونس" على ركبه قدامي وحضن إيدي بين كفوفه وهو رافع عنينه الندمانة ناحيتي وبيقولي :
- "نور".. مش هفكر في أي حاجة، ولا هحل أي حاجة غير ما تسامحيني.
وشد ايدي حطها فوق قلبه اللي دقاته لسه بنفس قوتها من يوم ما عرفته، واللي كل نبضه فيها بتحلف إني حبيبته، قلبه ده نقطة ضعفي الوحيدة، وهو متأكد من كده، لكني قررت أستقوى، وشديت ايدي وأنا بقوم من مكاني وبقوله :
- هغسل وشي وآجي نشوف هنعمل إيه.
جريت ناحية الحمام وأنا قلبي هيخرج من مكانه من كتر دقاته، سندت ضهري على الباب للحظات أظبط فيها نفسي.خرجت من الحمام بعد فترة وتنفسي مظبوط لحد كبير، روحت لـ "يونس"، مجرد ما دخلت المكتب لقيته فاضي ، دورت بعنيا في كل ركن فيه لكن ماشفتش حد، اتلفت ورايا أدور عليه مش موجود، ابتديت أنادي وأنا بدخل جوه المكتب :
- "يونس".. "يونس".
مفيش أي رد جاني،قولت لنفسي إنه ممكن يكون في الأوضة بيعمل أي حاجة، فأخدت نفس و روحت ناحية المكتب آخد الصينية أتاملها بتمعن شديد، سحبت الكرسي أقعد، ومجرد ما قعدت لفت نظري خيال تحت مكتب "يونس" رفعت عيني اللي جحظت فجأة مجرد ما جت على "يونس" مرمي تحت المكتب، رميت الصينية من ايدي واتنفضت من مكاني أجرى عليه، لكن الصدمة كلبشت جسمي كله، "يونس" مرمي على الأرض وهدومه كلها متقطعة.لحظات صدمة عدت عليا اتغلبت عليها أخيرًا ونزلت على ركبتي قدامه وأنا بسحب أباجورة المكتب أفتحها تنورلي عشان أشوف جسم "يونس" اللي كان متغطي بدم، وصدره كله متخربش بشكل مرعب.
شهقة قوية طلعت من حلقي وأنا برمي الأباجورة وبقرب منه أفوقه برعب :
- "يونس".. فوق بالله عليك، قوم يا "يونس".. "يونس".مفيش أي رد فعل منه، قومت جريت على أوضتنا أجيب أي برفان أفوقه، ورجعت له تاني وصوتي مخنوق بدموعي اللي اتحجرت في عنيا، رشيت البرفان في الهوا قريب من وشه وأنا بهزه بقوة وخوف تملك من كل ذرة فيا، أخيرًا "يونس" استجاب معايا وابتدت جفونه تتحرك وهو بيتوجع بشدة.
حطيت إزازة البرفان جمبي وأنا بسنده أحاول أقومه وأخرجه من تحت المكتب، سند على ايدي بضعف شديد، كأنه راجع من معركة طاحنة، قعد على الأرض وسند ضهره للحيطة وهو مغمض عينيه بألم، ألمه كان جوايا أضعافه وأنا شايفة حبيبي مجروح ومتغطي بدمه بالمنظر ده، حبيبي اللي مجرد ما فتح عينه بصلي بصدمة وهو بيزقني بعيد عنه وبيصرخ فيا :
- ابعدي عني.
زقته دي خلت راسي تتخبط في سن المكتب بقوة، لدرجة إن إزازه جرح راسي ونزفت، لكن صدمتي من زقته، ووجعي من جرح راسي ما يجيش نقطة في بحر صدمتي من جروح "يونس" اللي ما كانتش غير كلمة واحدة بس ،وفي نص صدره بالظبط:
- "وعـد".#يتبع
#فجوة_زمنية
#تعويذة_الهوى
#فاطمة_علي_محمد
#روائية_الراديو
#بلغني_أيها_القلب_السعيد
#كلمة_ع_الماشي
أنت تقرأ
فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد
Fantasyإنسية تدخل فجوة زمنية ومنها إلى العالم السفلي، لتكتشف أن زوجها وحش شيطاني، بينما ملك الجان كان ملاكًا حارسًا لها.